واختلف في كيفية إنزاله من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا وعلى النبي صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أقوال, فروى أنه انزل كما جاء في الأخبار أنه نزل لأربع وعشرين من شهر رمضان, أي ليلة خمس وعشرين, وقيل في تفسيره كان ينزل من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا في كل ليلة قدر ما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم في السنة إلى التي تليها, فينزل جبريل ذلك نجوما بأمر الله تعالى فيما بين الليلتين من السنة إلى أن نزل القرآن كله من اللوح المحفوظ في عشرين ليلة, وعلى النبي صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة, وقيل بل نزل فيه جبريل عليه السلام جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا, ووضعه في بيت العزة وأملاه جبريل على السفرة ثم كان جبريل ينزله على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما نجوما, وكان بين أوله وآخره ثلاثة وعشرون سنة. قاله ابن عباس. وحكى الماوردي عن ابن عباس قال: نزل القرآن في شهر رمضان في ليلة القدر, وفي ليلة مباركة. ذكر المروزي في كتابه قيام الليل عن جرير بن حازم قال: إنه قرأ في كتاب من كتب أبي قلابة: أن التوراة أنزلت ليلة ست من رمضان وأن الزبور أنزل لاثنتي عشرة ليلة من رمضان بعد التوراة بألف وخمسمائة عام, وأن الإنجيل أنزل لثمان عشرة ليلة من رمضان بعد الزبور بألف عام, وأن القرآن أنزل ليلة أربع وعشرين بعد الإنجيل بثمانمائة عام, جملة واحدة من عند الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا, فنجمته السفرة الكرام الكاتبون على جبريل عشرين ليلة, ونجمه جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم عشرين سنة. قال القاضي أبو بكر ابن العربي: هذا باطل, ليس بين جبريل وبين الله واسطة ولا بين جبريل ومحمد صلى الله عليه وسلم واسطة. وقال تعالى: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا}.
قال المؤلف رضي الله عنه: فهذه ثلاثة أقوال أشهرها أوسطها, والأول غريب يستظرف ذكره الحليمي في كتاب منهاج الدين, والثالث ضعيف والله أعلم.
واختلف أيضا في كم نزل القرآن من المدة؟ فقيل في خمس وعشرين سنة, وقال ابن عباس: في ثلاث وعشرين. وقال أنس: في عشرين, وهذا بحسب الخلاف في سن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
Bogga 26