[folio 1: 147b] تعليقات الحسن بن سوار
[أفردنا هذه التعليقات على حدة فى آخر الكتاب لأهميتها، وأشرنا إلى الصفحة فى رقم المخطوط. وفيها تعليقات لأبى بشر أيضا].
(١٤٧ ظ)
١ — أورسطوس بن أغاممنن بن اطولوس بن فولوبوس بن طنطالس، فهذا إذن إنما هو مثلا على البعيد.
٢ — هذا مثال على القريب لأن إيرقلس هو أب أولوس وجده فهو أولوس.
٣ — [ويشبه أن يكون هذا المعنى أبين] الحسن: قد أغمض فرفريوس قوله هذا فإنه قد يحتمل أن يصرف قوله «ويشبه أن يكون هذا المعنى أبين» إلى أنه أراد أى صنف فرض من أصناف الجنس المقدم ذكرها المعلم عليها بالمقتضيات. وقد بينا ذلك فى تفسيرنا لهذا الكتاب.
٤ — [وذلك أن الهرقليين] قوله: وذلك لم أجدها فى بعض النقول السريانية، بل وجدت مكانها ما يقوم مقام الواو، وهو هكذا: والهرقليون هم المتناسلون.
Bogga 95
٥ — [وخليق أن يكون إنما] الحسن: أى ويوشك أن يكون هذا الجنس المنطقى إنما سمى جنسا لمشابهته هذين الجنسين الموصوفين أعنى القبلى، والذى مبدأ الكون؛ ولأنه مشابه لهما وكان هذان مشكورين عند الجمهور بأنهما جنسان، فأسمى المنطقيون هذا الجنس الذى كلامهم فيه جنسا، لأن الأسماء للمعانى ينبغى أن تورد بحسب ما يفهمه الجمهور ما أمكن ذلك ووجد القائل إليه طريقا. وإنما قال «خليق» وأورد ذلك على طريق التشكك له لئلا يقول له قائل: يا فرفريوس إنما أعطيت العلة فى تسمية الناطفين المرتب تحته النوع جنسا لمشابهته هذين الجنسين، فإنه قد ينبغى ألا يسمى جنسا لمخالفته أيضا هذين الجنسين، وذلك أنه قد يشابههما من جهة ويخالفهما من جهة، فإن كان يستحق عندك أن يسمى جنسا لمشابهته هذين، فلا استحق أن يسمى جنسا لمخالفته هذين، فأخرج ذلك مخرج شك فقال: «وخليق» أى ولعله أن يكون إنما ستعير الاسم له للمشابهة التى بينه وبين هذين، ولينبهنا أيضا على الخلاف بينه وبينهما.
[folio 2: 148a] (١٤٨ و)
[وقد يخالف أيضا الجنس الفصول...] الحسن: جملة ما أورده فرفريوس فى أمر الجنس المنطقى هو هذا قال: إنه المقول على كثيرين مختلفين بالنوع من طريق ما هو؛ والرسم هو المأخوذ من شىء يقوم مقام الجنس، ومن خواص وأعراض؛ فالذى يقوم فى هذا مقام الجنس هو قولنا «المحمول» فيكون المحمول منه ما هو جنس ومنه ما ليس بجنس، وباقى ما أورده فصول تفصله من الألفاظ التى تدل على الأشخاص فإنها لا تحمل على كثيرين بل على واحد فقط. وقولنا: «مختلفين بالنوع» فصله من النوع والخاصة فإن النوع لا يحمل على نوع، والخاصة لا تحمل على كثيرين بالنوع، لأنها إنما تحمل على نوع واحد وإن كان وجد أنواعا تحمل على أنواع لكن ليس ذلك بما هى أنواع بل بما هى أجناس. وقولنا من طريق ما هو يفصله من الفصل والعرض ومن الخاصة أيضا إذ ليس واحد منهما يحمل بما هو، بل من طريق أى شىء، وإن كانت لا تتفق فى هذا المعنى [...] من طريق أى شىء. فهذا جملة ما قاله فرفريوس فى أمر الجنس.
Bogga 96
[folio 3: 149b] (١٤٩ ظ)
«فأما النوع فقد يقال على صورة كل واحد بمنزلة ما قيل» الحسن: هذا ما قاله بعض الشعراء فى أغاممنن لما رآه؛ ويقال إنه أودساوس ويقال إنه أوريفيدس.
[folio 4: 150a] (١٥٠ و)
١ — «فى كل واحدة من المقالات أشياء هى أجناس» نقل قديم شىء شىء هو جنس أجناس.
٢ — «ولكن الجوهر من هذه الاشياء ... » الحسن: يجب أن تعلم أنى وجدت هذا الموضع فى السريانى بنقل أبا بشر ونقل حنين هكذا: ولكن الجوهر من هذه الأشياء هو جنس الأجناس وجنس فقط والإنسان نوع الأنواع ونوع فقط.
Bogga 97
٣ — [جنس] اليونانيين يرتقى فى النسب إلى ثلاثة أنفس إلى زيوس وإلى فوسيدون وإلى أفلاطون [لا الفيلسوف] فأغمامنن يرتقى إلى زيوس فى النسب وايروبيوس إلى فوسيدون [.....ددس] إلى أفلاطن. وهولاء الثلاثة أعنى زيوس وفوسيدون وأفلاطن يرتقون إلى فروبس فإن أباهم هو أفرابوس وأفرابوس هو ايرريوس القديم الذى إليه يصير أوميروس [إذ] أنه للكل فرابوس الثانى هو ابن افرابوس وأخو فوسيدون وأفلاطن لأن هؤلاء آخره أعنى زيوس وفوسيدون وأفلاطن فرابوس الثانى قسم مع إخوته التركة طنطالس، وطنطالس أولد فلبس ، وفلبس أولد أطراوس، وأطراوس أولد أغاممنن، وأغاممنن أولد أرسطيس، وهو الأب القريب الذى يقوم هنا نوع الأنواع لأنه [ ............ ] لا كما يقول فرفوريوس فى هذا الموضع إن الأب القريب هو أغاممنن. والدليل على ذلك قوله فى صدر إيساغوجى، لما تكلم فى مبدإ الكون [من] الوالد البعيد قال: «أرسطيس من طنطالس» فهو إذن يرقى أرسطيس هذا إلى طنطالس. وقد يجوز أن يكون وقع فى النسخ غلط، وسقط اسم أرسطيس منها. وأيضا فإن الأمثلة [التى] أوردها من الأنساب، إن أخذت على أنه أوردها مساوية لما أورده من أنواع الجوهر، ولم يورد أرسطيس فيها، حجزت واحدا.
[folio 5: 151a] (١٥١ و)
أبو بشر: إنما قال الجنس أو الأجناس، لأن من المقولات ما بين جنس الأجناس والنوع الأخير منها متوسطات كثيرة، مثل الجوهر والإنسان فإن بينهما متوسطات كثيرة، ومنها ماليس بينهما متوسطات كثيرة مثل جنس المضاف فإنه منقسم إلى جنسين فقط، إلى ما يختلف تصريفه، وإلى ما لا يختلف تصريفه.
[folio 6: 151b] (١٥١ ظ)
١ — إنما قال: «فى أكثر الأمر» لأن بعض اليونانيين يرتقى فى النسبة إلى أخيه الذى يقال إن [بيبولن] من نسله.
٢ — أفلاطن يقول: إن الموجود جنس للمقولات، وفرفريوس أفلاطونى، فلذلك قال «نهب» أى «نقر ونسلم» أن الأجناس الأول على ما فى كتاب المقولات عشرة كما يقول أرسطو.
٣ — الحسن: الأمور منها ما هو محدود عندنا وعند الطبيعة، وهى الأجناس العالية؛ ومنها ما هو محدود عند الطبيعة غير محدود عندنا، وهى أنواع الأنواع؛ ومنها ما ليس هو محدود لا عندنا ولا عند الطبيعة، وهى الأشخاص.
Bogga 98
٤ — «به ....» الحسن: غرض فرفريوس فى هذا الفصل المعلم على أوله وإلى آخر الكلام فى النوع أن يفيدنا خمسة مطالب يحتاج الناظر إليها فى الصناعة المنطقية. الأول منها يفيدنا فيه شروطا ننتفع بها فى أمر القسمة.
والثانى يعلمنا ما خاصة القسمة، ويقول إنها هى التى تصير الواحد كثيرا. وإنما قصد أن يفيدنا ذلك لأن منها تتقوم صناعة التحديد. ويعرفنا فيه أيضا خاصة صناعة التحديد، وهى أن نجمع الكثير إلى واحد. وإنما قصد لتعليمنا ذلك لأن منها يتقوم البرهان.
والثالث يعلمنا شروطا نحتاج إليها فى صناعة البرهان، وهو أن يعرفنا أى هذا الخمسة أعم، وأيها أخص، وأيها مساو، وكيف يحمل بعضها على بعض، وأى شىء منها يحمل على أى شىء منها. وهذا نحتاج إلى الوقوف عليه ضرورة فى البرهان. وهذه الثلاثة المطالب هى التى ذكرها فى صدر كتابه فقال: إن هذا النظر نافع أيضا فيها.
والرابع فهو أنه لما تكرر فى قوله ذكر الجزئى أخذ أن يرسمه، ويعرفنا ما الذى يريد بقوله الجزئى.
والخامس فهو أنه لما كان جنس الأجناس كل فقط، والشخص جزء فقط، والمتوسطة بينهما كل وجزء، كان الكل والجزء من المضاف، أخذ أن يعرفنا بأى حرف من حروف التصريف يضاف النوع إلى ما قبله وإلى ما بعده. فهذه هى المطالب التى يعلمناها فرفريوس فى هذا الفصل. وقد علمنا عليه بحروف المعجم بزرقة.
[folio 7: 152a] (١٥٢ و)
Bogga 99
١ — قال الحسن: كلام فرفريوس الذى أوله «وبالجملة فإن كل فصل» وآخره «أو ملونا بضرب من الألوان قد يزيد وينقص» عند هذه العلامة x، مختلف فيه، فقوم قالوا: إن غرضه فيه أن يورد الاشتراكات والاختلافات التى بين هذه الفصول، أعنى العام والخاص وخاص الخاص على ما فهمه [اللغويين] وقوم من الاسكندرانيين. وقوم قالوا: إن غرضه أن يقسم الفصول قسمة أخرى، وأعنى إلى ما يحدث غيرا وإلى ما يحدث آخر، وذلك أن فرفريوس يقسم الفصول على ثلاث جهات: الأولى أن نقسمها إلى العام والخاص وخاص الخاص، وعبر عن هذا القسمة بالكلام الذى أوله «فأما الفصل فيقال عاما وخاصا وخاص الخاص» وآخره «بفصل محدث الأنواع»، أعنى بطبيعة النطق وزعموا أن هذه القسمة للفصل هى لفرفريوس. والثانية هى التى نقسم بها الفصول إلى ما نحدث غيرا، وإلى ما تحدث آخر، أى نوع آخر، مثل النطق الذى إذا [ضام] الحيوان أحدث نوعا آخر، الملك مثلا. وهذه القسمة هى لأرسطوطاليس. وفرفريوس يعبر عن هذه القسمة بالكلام الذى أوله «وبالجملة فإن كل فصل قد يحدث للشىء الذى يوجد فيه اختلافا» وإلى قوله «وتغاير الأحوال». والثالثة هى التى تقسم فيها الفصول إلى المفارق وغير المفارق، وتقسم غير المفارق إلى ما بالذات وما بالعرض. ويتكلم فى ذلك ويعبر عنه بقوله الذى أوله «فينبغى أن نبتدىء من فوق أيضا» وإلى آخر قوله «أو ملونا بضرب من الألوان فقد يزيد أو ينقص» وهو آخر الفصل المذكور. وأخلق أن يكون القول كما زعم هؤلاء، لأن كلام فرفريوس متوجه نحو هذا الغرض.
Bogga 100
٢ — قال الحسن: قد يشكل على فرفريوس فيقال: زعمت أن فصل خاص الخاص لا يقبل الأكثر والأفل، والخاص يقبل، وها نحن نوجدك من فصول خاص الخاص ما يقبل الزيادة وتانقصان، ومن فصول الخاص ما لا يقبل؛ من ذلك أن تفرقة البصر من فصول خاص الخاص للبياض، لأها مأخوذة فى حده، والجمع للبصر من فصول خاص الخاص للسواد. وقد يوجد سواد أشد جمعا للبصر من سواد آخر، فإن جمع سود الغراب لأبصارنا أشد من جمع سواد القار مثلا والأبنوس؛ وكذلك البياض الموجود فى الطائر المسمى ققنس أشد تفرقة للبصر من الثلج. فقد وجدنا إذن من فصول خاص الخاص ما يقبل الأكثر والأفل. ومن ذلك أن سقراط بن سفرونسقوس الذى من أهل أثينية يوجد له عرض خاص، وهو أنه ابن سفرونسقوس من أهل أثينية، وهذا لا يوجد بالأفل والأكثر فى وقت من الأوقات، فإنه ليس إنسان فى أنه ابن فلان أو من بلدة فلان بأكثر من إنسان آخر فى أنه ابن فلان أو من بلدة فلان. فقد وجدنا إذن من فصول الخاص ما لا يقبل الأكثر والأفل.
فنقول فى الجواب عن الشك الأول: إن قولنا فى البياض إنه لون مفرق للبصر ليس هو رسما لبياض ققنس أو بياض الثلج، بل هو للبياض المطلق، أعنى لمعنى البياض وذاته التى يدل عليها بحده؛ وهذا ليس يختلف ألبتة، وليس منه ما هذا للمعنى موجود له بالأقل والأكثر، وإنما عرض أن يكون بياض ققنس أشد تفرقة من بياض الثلج، من أجل الهيولى التى وجد فيها البياض المطلق، فإنه لما كانت الهيولى القابلة للبياض فى الثلج وققنس مختلفة، كان قبوله لمعنى البياض مختلفا، فوجد لبعضها وهو الققنس بالأكثر، ولبعضها وهو الثلج بالأقل. وهذا الشك وهذا الحل غير لائق بهذا الموضع لأنه نظر إلهى؛ والنكتة فيه هى أن المعانى بتجريدها أكمل منها إذا قارنت الهيولى. وأما الجواب عن الشك الثانى فهو أن الفصول التى أوردت لسقراط ليست فصولا خاصة بل خاص الخاص، لأنها تفصل سقراط من المشارك له فى الاسم.
Bogga 101
[folio 8: 153a] (١٥٣ و)
١ — قال الحسن: لما قسم فرفريوس الفصل إلى الأقسام المذكورة، ثم بين أن غرضه منها الكلام فى الفصول الذاتية، أخذ أن يقسمها فهو يقول: إن منها مقسمة ومنها مقومة، فالقاسمة هى التى بها ينقسم الجنس إلى الأنواع مثل قسمة الحيوان إلى الناطق وغير الناطق، والمائت وغير المائت؛ والمقومة هى التى تقوم طبيعة النوع، مثل الناطق والمائت المقومين لطبيعة الإنسان. وهو يبين أن الفصول القاسمة غيرها إذا أخذت مقومة بحجتين: الأولى منهما أنا إذا أخذنا شيئا واحدا بعينه مثل الهيولى لم نجد الفصول القاسمة له هى المقومة، فإن الفصول القاسمة له هى الناطق وغير الناطق، والمقومة المتنفس والحساس. والثانية أنا إذا أخذنا فصلا واحدا مثل الناطق مثلا، لم نجده مقوما لشىء واحد بعينه وقاسما، بل وجدناه من الفصول المقومة للإنسان والقاسمة للحيوان. وهاتان الحجتان كحجة واحدة. فيحصل من هذا أن فصول خاص الخاص هى واحدة بأعيانها مقسمة ومقومة، لكن ليس لشىء واحد بعينه بل مقسمة للأجناس التى هى أعلى، ومقومة للأنواع التى تحت تلك الأجناس. وقد يتهيأ للإنسان الزيادة على هذا بأن يقول: لو كانت الفصول المقسمة هى المقومة، لقد كان ما يوجد له الفصول المقومة يوجد له الفصول القاسمة، وليس ما يوجد له الفصول القاسمة يوجد له الفصول المقومة، فإن الأجناس العالية مثل الجوهر مثلا لا توجد له فصول مقسمة، مثل الجسمية وغير الجسمية، وليس يوجد له فصول مقومة، فأنواع الأنواع لها فصول مقومة وليس لها فصول قاسمة، فإذن ليست الفصول المقومة هى المقسمة. ولعل قائلا يقول: فما الذى يقال فى المتوسطة، فإن لها فصولا قاسمة وفصولا مقسمة؟ فنقول: إن تلك أيها القائل ليست واحدة بأعيانها لأنها قاسمة لما فوق، ومقومة لما تحت ذلك الجنس.
Bogga 102
٢ — الحسن: يجب أن تعلم أن الموجود يقال على ضربين، فمنه ما يوجد الموضوع فى حده، ومنه ما يوجد هو فى حد الموضوع، مثل أخذنا فى حد الإنسان وهو الموضوع الناطق والمائت، وهذه هى الفصول المقومة. والذى يوجد فى حده الموضوع فهى مثل الفصول القاسمة، فإنا إذا أردنا أن نقول ما الناطق؟ قلنا: إنه حيوان، يقدم مقدمتين تنتج نتيجة.
[folio 9: 153b] (١٥٣ ظ)
١ — لأبو بشر: قد أخذ فى أن يصحح ما قاله من أن الجنس يحمل بما هو والفصل من طريق أى شىء هة، ةيقول: كما أن الأشياء المقومة من مادة وصورة الصناعية إذا سئلنا عن ما هى أجبنا بالمادة، فإنا إذا سئلنا عن التمثال ما هو؟ قلنا: إنه نحاس، وإذا سئلنا أى شىء هو؟ قلنا: تمثال؛ كذلك الأشياء التى هى مقومة مما هو نظير المادة والصورة، مثال الإنسان مثلا الذى هو من الجنس، وهو يقوم مقام المادة ومن الفصل وهو يقوم مقام الصورة، إذا سئلنا عنه ما هو؟ قلنا: حيوان، وإذا سئلنا عنه أى شىء هو؟ قلنا: ناطق مائت.
Bogga 103
٢ — قال الحسن بن سوار: لما قال فرفريوس: إن النوع يفضل على الجنس بأنه قد توجد له الفصول وليست موجودة فى الجنس، فلئلا يقول له قائل ليس يفضل النوع على الحنس بوجود الفصول له، لأنها أعنى الفصول موجودة أيضا للأجناس، لأنها لو كانت موجودة للأنواع ولم تكن موجودة للأجناس، للزم أن يكون شىء من لا شىء، لأنه إذا لم تكن الفصول موجودة للأجناس، فمن أين اقتنت الأنواع الفصول؟ وأحس بهذا الشك الداخل عليه وأومأ إليه بأوجز ما يكون من الكلام بقوله «وإلا فمن أين اقتنت الأنواع فصولا» أخذ أن يحمله بأن ألزم الوضع بأن الفصول موجودة فى الجنس محالا فقال: «ولا الفصوا أيضا المتقابلة بأجمعها له وإلا صارت الفصول المتقابلة لشىء واحد بعينه معا» كأنه يقول: إن قولك أيها المتشكك ووضعك بأن الفصول موجودة فى الجنس، وهو الذى به [بمنزلة فنسخ] الرسم الذى أوردناه للفصل محال. وذلك أنك إن وضعت أن الفصول موجودة الجنس، لزم أن تكون المتضادة مثل الناطق وغير الناطق فى شىء واحد بعينه معا، أعنى فى الحيوان وكذلك المائت وغير المائت. ولأن وجود المتضادة فى شىء واحد بعينه لا يمكن، ما يلزم ألا تكون الفصول موجودة فى الجنس. فكأن المتشكك عاد فقال: إنه قد لزمك إذن مما [طىا لں] تكون الفصول موجودة فى الجنس وغير موجودة؛ أما موجودة فللزوم الوضع بأنها غير موجودة كون شىء من غير شىء، وأما غير موجودة فللزوم الوضع بأنها موجودة كون المتضادة فى شىء واحد بعينه معا فى شىء واحد بعينه محال. فهذه حيرة أخرى. فكأن فرفريوس قال: إما أن يكون شىء واحد بعينه موجودا وغير موجودا معا بالفعل فهى لعمرى محال. فأما أن يكون موجودا بالقوة وغير موجود بالفعل فإنه غير محال. كذلك الفصول أيها المتشكك هى الموجودة فى الأجناس بالقوة لا بالفعل، على ما يعتقده المشاءون، الذى كلامنا فى هذا الكتاب إنما هو بحسب آرائهم. وبهذا تنحل الحيرة بأن شيئا يكون من لا شىء، فإنه ليس بمحال أن يكون شىء بالفعل من غير موجود بالفعل وموجود بالقوة، وإنما المحال الذى لا يمكن تصوره فضلا عن وجوده أن يكون شىء [..........] مما ليس بموجود ألبتة لا بالقوة ولا بالفعل [...........] يكون موجودة فى شىء واحد بعينه بالفعل [..................] فهذا هو نسق ما قاله فرفريوس. وقد ينبغى أن نعيد الشك ونلخصه ليكون التأمل له أقوى، فنقول: إنه مبنى على مقدمتين معترف بصدقهما، الأولى أنه لا يكون شىء من لا شىء، وهذه مجمع عليها. والثانية أن المتضادة لايمكن أن توجد معا فى شىء واحد بعينه، فلما أخذ هاتين المقدمتين بحث عن الفصول الموجودة فى الأنواع المرتبة تحت جنس واحد بعينه هل هى موجودة فى الجنس أم لا؟ ويلزم القولين جميعا محالا، أعنى وجود الفصول فى الجنس ولا وجودها. فنقول: إنه إن كانت الفصول موجودة فى الجنس لزم أن تكون المتضادة فى شىء واحد بعينه معا، مثل أن يكون الناطق وغير الناطق والمائت وغير المائت فى الحيوان وهذا محال. لأنا قد وضعنا أن المتضادة لا يمكن أن توجد فى شىء واحد بعينه معا، وإن لم تكن موجودة فى الجنس لزم أيضا محال، وهو أن يكون شىء من لا شىء لأنه إذا كانت الفصول موجودة فى الأنواع، وليست موجودة للأجناس، فمن أين اقتنت الأنواع الفصول؟ ومن أين جاءتها؟ فهذا هو الشك، وهو يحل على ضربين: أحدهما بحسب رأى أرسطوطاليس وأصحابه، والآخر بحسب رأى الأفلاطونيين. فإن أصحاب أرسطوطاليس يحلونه بما أورده فرفريوس، وذلك أنهم يقولون: إن الفصول موجودة فى الجنس بالقوة لا بالفعل، فلأنها موجودة بالقوة ما لا يلزم أن يكون شىء من لا شىء، فإن الموجود بالقوة هو شىء ما. ولا يمتنع أيضا أن تكون الفصول المتضادة على هذا الوجه موجودة معا، أعنى بالقوة؛ لأن المحال هو أن المتضادة تكون موجودة معا بالفعل. وأصحاب أفلاطون يحلونه بأن يقولوا إن الفصول موجودة فى الجنس بالفعل، وليس بمحال أن تكون المتضادة فى شىء واحد بعينه معا بالفعل كالأشياء المعقولة والمبصرة، فإن العقل يوجد فيه معنى السواد ومعنى البياض، وهما متضادان؛ والبصر يحصل فيه صورة الاسود والأبيض، وهما متضادان. وإنما المحال أن تكون المتضادة فى شىء واحد بعينه على أنه جسم هيولانى، فأما ما ليس بجسم هيولانى فإنه ليس بمحال أن توجد فيه الأشياء المتضادة معا، فكأنه الآن يحصل من كلام هؤلاء أن الجنس حيوان مثلا إذا حصل معقولا كان غير هيولانى، لأن العقل لا يلابس الهيولى أعنى أنه يجرد معقوله من الهيولى. فإذا كان الحيوان معقولا لم يمتنع أن يكون الناطق وغير الناطق والمائت وغير المائت موجودين فيه إلا أن هذا معقول. وأصحاب أفلاطون يسمون المعقول موجودا بالفعل، وأصحاب ارسطوطاليس لا يطلقون ذلك إلا فى الموجود المحسوس. وتمام شرح هذا المعنى فى بطن هذه الورقة.
[folio 10: 154a] (١٥٤ و)
تمام شرح المعنى الذى تقدم ذكره فى [......]
Bogga 106
وقد حل الل....... هذا الشك [......] فقال: ما هذا معناه قولنا: إن الشىء الواحد بعينه يكون المتضادين معا على وجه ما لا يمكن، وعلى وجه ما يمكن، هو أن يكون الشىء الواحد بعينه الموجود بالفعل المتضادين معا بالفعل أعنى أن يكون الشىء الذى يوجد فيه المتضادان موجودا بالفعل، وأن يكون المتضادان فيه معا بالفعل، مثل هذا المشار إليه أعنى أن يكون المشار إليه حارا وباردا من جهة واحدة بعينها. وأما الحهة التى عليها يكون الشىء الواحد بعينه المتضادين معا، فهى تنقسم على ثلاثة أنحاء: الأول منها أن يكون الشىء الواحد بعينه أحد المتضادين بالفعل. مثل الجسم الحامل لحرارة النار، فإنه حار بالفعل، بارد بالقوة؛ فأحد المتضادين موجود بالفعل والآخر بالقوة.
والثانية أن يكون الشىء الواحد بعينه المتضادين معا بالقوة مثل الأدكن الذى هو وسط [بين] الأبيض والأسود، فإن كل واحد من هذين أعنى الأسود والأبيض موجودا فيه بالقوة، فأن الأدكن فيه معنى السواد وفيه معنى البياض معا لكن بالقوة.
Bogga 107
والثالثة فهو أن نتصور المعنى العام مثل [الحيوان] إذا تصورناه أخذناه من غير أن يوجد له معنى التضاد، لأنه جسم ذو نفس حساس متحرك بإرادة، فإن هذا المعنى ليس يؤخذ معه لا أنه ناطق ولا أنه غير ناطق، ولا مائت ولا غير مائت [....] من غير تضاد. ولأن الحيوان الموجود فى النفس هو الموجود فى الإنسان الذى هو ناطق، وفى الثور الذى هو غير ناطق، وكان الناطق وغير الناطق متضادين، ما يكون الحيوان الذى فى النفس [...] يوجد له المتضادان فى الوجود بالفعل، لأنه ليس فى الوجود حيوان بالفعل مفرد عرض له أن كان ناطقا أو غير ناطق، بل الحيوان الموجود هو إما ناطق وإما غير ناطق، بل الذى فى النفس [هو] الذى عرض له فى الوجود أن كان ناطقا أو غير ناطق، وليس هذا محال، لأن المحال هو أن يكون شىء موجود بالفعل يصير المتضادين معا بالفعل. وهذا معنى لطيف جدا فهمته عن «اللينوس» وكسوته هذه العبارة بأوضح ما قدرت عليه، وزدت فيه زيادات صالحة تنبنى عنه. واللينوس يقول: إن فرفريوس يشير بقوله بالقوة إلى الحد، أى أن فرفريوس يريد بقوله: «ولكن الفصول التى تحت الجنس هى له بأجمعها بالقوة» أى أن الحيوان المعقول وهو ما يحصل فى النفس من حدة القائل إنه جوهر ذو نفس حساس متحرك بإرادة، أى أن هذا المعقول إذا [شاء به] [شابه]، غير ناطق صار غير ناطق وإذا [شابك] الناطق كان ناطقا فلأنه إذا لابس هذا صار هو، وإذا لابس هذا صار هو، وكان هذا المعنى أعنى المعقول لشبه المعنى الموجود بالقوة الذى يصير كل واحد من التضادين سماه فرفريوس بالقوة من طريق مشابهته لما هو موجود بالقوة.
ويجب أن تعلم مما ذكرناه أن الموجود بالفعل يقال على ضربين: فإن قولنا مثلا إن هذا الإنسان كاتب بالفعل [يفهم] منه معنيان: أحدهما أنه هو ذا يكتب، والآخر إذا نظرنا إليه فعلا [سلب؟] عن الكتابة فإن هذا يقول فيه إنه كاتب بالفعل لأن الكتابة ملكة له؛ وكذلك أيضا قولنا إن هذا الإنسان كاتب بالقوة يفهم منه معنيان، أحدهما يشار به إلى الإنسان الذى من شأنه ويمكن فيه أن يكون كاتبا، مثل الصبى، والآخر إلى الإنسان الذى الكتابة ملكة له، لكنه ليس هو ذا يكتب بالفعل. وهذا هو الضرب الثانى من ضربى الأشياء الموجودة بالفعل. فالضرب الثانى من الأشياء الموجودة بالفعل هو الضرب الثانى من الأشياء الموجودة بالقوة. فأصحاب أرسطوطاليس يشيرون بقولهم إن الفصول موجودة فى الأجناس بالقوة إلى الضرب الثانى من ضربى الأشياء الموجودة بالقوة؛ وأصحاب أفلاطون فيشيرون بقولهم إن الفصول موجودة فى الجنس بالفعل إلى الضرب الثانى من ضربى الأشياء الموجودة بالفعل؛ فهما إذن يشيران إلى معنى واحد بعينه، لأن الضرب الثانى من ضروب الأشياء الموجودة بالفعل هو الضرب الثانى من ضربى الأشياء الموجودة بالقوة كما بينا آنفا، فهما إذن متفقان.
Bogga 108
[folio 11: 154a] (١٥٤ و)
١ — أبو بشر: لما كان الرسم يجب ألا يزيد على المرسوم ولا ينقص منه، وكانت هذه الرسوم إنما أوردت للفصول الذاتية، وكان قد يطوى معها غير الذاتية، قال: يجب أن يزاد فى هذا الرسوم الشىء النافع فى الإنية لتكون الرسوم مطابقة لما قصد رسمه، لا زائدة عنه ولا ناقصة منه. وهذه الزيادة يجب أن تكون فى الرسم الثالث والرابع. وأنا أظن أنه يحتاج إليها فى الأول أيضا.
٢ — أبو بشر: قد أخذ أن يوضح أنه إذا لم يزد فى الرسم الثالث والرابع الزيادة التى ذكر، انطوى فيه فصول غير ذاتية مثل التهيؤ لقبول الملاحة، فكأن قائلا قال له: لم لا يكون التهيؤ ذاتيا؟ فقال: لو كان كذلك لقد كنا نقول: إن من الحيوان ما هو كذا، ومنه ما هو كذا. فكأن القائل قد عاد إليه فقال: ولم لا تقول هذا؟ فقال: لأن هذا تهيؤ، وموجود بالقوة واستعداد، فكأنه [عاد إليه] فقال: ولم لا يكون هذا؟ فقال: لأن الفصول الذاتية تحتاج إلى أن تكون بالفعل.
[folio 12: 154b] (١٥٤ ظ)
١ — الحسن: ليس يريد به القوة التى للإنسان على تعلم الهندسة والطب، بل إنما يريد به الذى يطب بالفعل فإن القوة على تعلم الهندسة والطب، هى لكل الناس، لا لبعضهم دون بعض. وحنين فى نقله هذا الفصل إلى السريانى، فإنه نقله هكذا: [—] وإن لم يعرض لكله، بمنزلة استعمال الطب للإنسان أو الهندسة.
Bogga 109
[folio 13: 155b] (١٥٥ ظ)
١ — أيضا قال حذا لأن أرسطوطاليس قال فى كتاب المقولات إن النوع قد يدل على أى شىء فى الجوهر، والنوع بالحقيقة قد يحمل من طريق أى شىء، فإنا إذا سئلنا عن زيد أى الحيوانات؟ فأجبنا بأنه إنسان، كان ذلك حقا فكأنه يقول: إنا وإن حملنا الإنسان من طريق أى شىء، فإن ذلك ليس على الإطلاق، أى ليس بالحقيقة من حيث هو نوع، بل من حيث يوجد فيه الفصل يحمل من طريق أى شىء هو.
٢ — إنما قال «فى أكثر الأمر» لأنه قد يوجد فصول مساوية لأنواعها مثل الثقل للأرض، والخفة للنار، وقبول العلم للإنسان.
٣ — الحسن: اللينوس ينكر هذا القول ويقول: «هكذا قال» وأما ما قال فرفريوس: «إن الفصل يحمل على أنواع كثيرة»، وإنه «أقدم من النوع بالطبع»، فإننى لست أعرف كيف يكون حذا القول حقا، وذلك أنه ليس يوجد بحسب ما أظن فصلا أعم من النوع، وذلك أن كل فصل مساو للنوع الذى يقومه. فهذا ما قاله اللينوس. والذى أظن أن فرفريوس نظر إلى الفصول فى هذا الموضع من حيث هى قاسمة، وأنها على هذه الجهة تحمل على أنواع كثيرة، فإن الناطق والمائت إذا أخذا قاسمين للحيوان حملا على أكثر من نوع واحد، فإن الناطق يحمل على الملك وعلى الإنسان، والمائت على الإنسان والبهيمة والطائر، لأنها إذا أخذت مقومة مثل التنفس والتحرك للحيوان، وقبول العلم والمعرفة للإنسان، لم تحمل إلا على نوع واحد.
Bogga 110
[folio 14: 156a] (١٥٦ و)
أى مثل فرس زيد. والعلة فى ذلك أن من الأنواع المختلفة فصول متقابلة، ولا يمكن أن يجتمعا. فأما كون البغل فليس هو عن اجتماع النوعين على ما ذهب إليه، بل إنما هو اجتماع فرس ما مع حمارة ما على تكوين البغل، وليس أن يجتمعا على تكوين البغل، هو أن يجتمعا فيصيران بغلا.
أى إذا كانت هى موجودة كان ما هى […..] وإن كان موجودا كانت هى موجودة.
[folio 15: 156b] (١٥٦ ظ)
أى أنه إذا كان أحدهما موضوعا والآخر محمولا يصير الذى كان محمولا موضوعا والذى كان موضوعا محمولا.
أيضا قال: «لا يمكن» لأنه ليس فى كل نوع يستمر هذا.
[folio 16: 162a] (١٦٢ و)
Bogga 111
غرض فرفريوس فى هذا القول أن يميز عدد الاشتراكات والاختلافات التى بين هذه الخمسة بعضها عند بعض، ويبين أنها عشرة، ويورد قانون [……] وهو أن ينقص من العدد الذى يريد أن يعرف ازدواج الأعداد التى فيه واحدا، ويضرب ذلك فى العدد الأول فما يحصل يسقط نصفها، والباقى هو عدد الاقترانات. مثال ذلك أن ينقص من هذه الخمسة واحدا فيبقى أربعة، ويضرب ذلك فى خمسة فيكون عشرين فينقص النصف فيكون العدد ويبقى عشرة [....] عدد الاقترانات. ووجه آخر وهو أن ينقص من العدد الخمسة مثلا واحدا ثم يجمع الباقى، بأن يقول واحد واثنان وثلاثة وأربعة [.....] الجميع عشرة وهو عدد الاقترانات.
Bogga 112