الفيض فعل فاعل دائم الفعل ، ولا يكون فعله بسبب دعاه إلى ذلك ولا لغرض إلا نفس الفعل.
علم البارى لذاته لا يعلم كما يعلم الأشياء بعلم ، والعلم هو عرض يحل النفس ، وعلمه غير مستفاد من خارج بل يعلم الأشياء من ذاته.
** علم البارى
وثباته وتغيره وكونه وحدوثه وعدمه وأسباب عدمه ، ويعرف الأبديات على ما هى عليه من أبدية والحادثات على ما هى عليه من حدوث. ويعرفها قبل حدوثها ومع حدوثها وبعد حدوثها بعللها وأسبابها الكلية ، ولا يفيده حدوثها علما لم يكن كما نحن لا نعلم الأشياء قبل حدوثها. فكلها حاضرة له فإن ذاته سببها. وهو لا يذهل عن ذاته. ويعرف الجزئيات والشخصيات بأسبابها وعللها على الوجه الذي لا يتغير به علمه ولا يبطل. وإن تغير الجزئيات والشخصيات فإنه لا يعرفه كما نعرفه نحن بإدراك الحس له وبالإشارة إليه ، بل يعرفه بالأسباب الموجودة له المؤدية إليه التي لا تتناول هذا الجزئى وهذا الشخص بعينه من حيث يكون مشارا إليه متخيلا ، فهو يعرف هذا الشخص بأسبابه وعلله المشخصة له فيكون علمه لا يتغير وإن تغير الشخص وبطل ، ويعرف هذا الشخص وأنه شخصى مشار إليه وأنه فاسد ومتغير ولا يفسد علمه ولا يتغير بفساده وتغيره ، ويعرف جميع أحواله الحادثة له ويعلم أنها تكون حادثة له ، ولا يتغير علمه بها لأنه يعرفها بأسبابها ويعرف عدمه بأسبابه المقومة له.
النفس تدرك ذاتها عند تفردها بذاتها وتجردها عما يلابسها من المادة التي تعوقها عن إدراك ذاتها. وما دامت ملابسة للمادة ممنوة بها فإنها بما يغشاها من ذلك الملابس الغريب لا يمكنها الرجوع إلى ذاتها والإدراك لها. والنفس لا تكون عاقلة بالحقيقة إلا بعد التفرد والتجرد عن المادة فإن معنى عقلية الشيء هو أن يتجرد العاقل عن المادة ويتجرد المعقول عن المادة.
إن كان الجسم شرطا فى بقاء النفس فلا بقاء لها من دونه ، وهو أشرف منها لحاجتها إليه واستغنائه عنها. وإن كان معادا فى المعاد مع النفس لم تنفك النفس من الأفعال البدنية والقوى الحيوانية التي هى عوائق لها عن نيل الكمال.
الجسم شرط فى وجود النفس لا محالة ، فأما فى بقائها فلا حاجة لها إليه ، ولعلها إذا فارقته ولم تكن كاملة كانت لها تكميلات من دونه إذ لم يكن شرطا فى تكميلها كما هو شرط فى وجودها.
Bogga 81