. . . يعني لولا قتال الصحابة للكفار لما بقي دين للتابعين ولا لمن بعدهم، وقل مثل هذا بالنسبة للتابعين لولا دفع التابعين للكفار لما بقي لمن بعدهم إلى قيام الساعة.
وقال مجاهد: لولا دفع الله ظلم قوم بشهادة العدول، وقالت فرقة: ولولا دفع الله ظلم الظلمة بعدل الولاة، وقال أبو الدرداء: لولا أن الله -عز وجل- يدفع بمن في المساجد عمن ليس في المساجد وبمن يغزو عمن لا يغزو؛ لأتاهم العذاب، وقالت فرقة : لولا دفع الله العذاب بدعاء الفضلاء والأخيار، إلى غير ذلك من التفصيل المفسر لمعنى الآية، وذلك أن الآية ولا بد تقتضي مدفوعا من الناس ومدفوعا عنه فتأمله.
ولا شك أن الله -جل وعلا- يدفع العقوبة ويرفعها بسبب من اتصل به، لا سيما من يسعى لرفع ودفع أهل الجرائم والمنكرات والمعاصي من رجال الحسبة وغيرهم، هؤلاء يدفع الله بهم شرا عظيما، ولو تواطأ الناس على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم يوجد من يقوم به لحلت العقوبة، ولولا وجود من يدع الله -جل وعلا- ممن مأكله حلال وجانب الحرام لحلت العقوبة، الدعاء لا شك أن الله -جل وعلا- يدفع به البلاء ويرفع به البلاء، لكن ممن؟ يعني يوجد فئام وجموع غفيرة من المسلمين لا يتحرون في المأكل والمشرب، مثل هؤلاء هل يدفع الله بهم مثل هذه الشرور والعظائم من العقوبات وغيرها؟ أبدا ((فأنى يستجاب له)) إذا كان مطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام، لكن الله -جل وعلا- يدفع الشرور بدعاء من مطعمه حلال، لا بدعاء من مطعمه حرام، فليحرص الإنسان على ذلك.
الخامسة: قال ابن خويزمنداد: تضمنت هذه الآية المنع من هدم كنائس أهل الذمة وبيعهم وبيوت نيرانهم، ولا يتركون أن يحدثوا ما لم يكن، ولا يزيدون في البنيان لا سعة ولا ارتفاعا، ولا ينبغي للمسلمين أن يدخلوها ولا يصلوا فيها، ومتى أحدثوا زيادة وجب نقضها، وينقض ما وجد في بلاد الحرب من البيع والكنائس.
ولما ترك الجهاد انعكس هذا الكلام، حولت المساجد إلى كنائس، والسبب في ذلك ترك الجهاد الذي من أجله ضرب الذل والمسكنة والخضوع والخنوع على الأمة بكاملها، وليس ذلك من قلة ولكنهم غثاء، كما جاء في الحديث الصحيح.
Bogga 19