وباكستان دولة ناشئة لم ينقض من عمرها أكثر من ست سنوات، ولكنها مع ذلك استطاعت خلال هذه الحقبة القصيرة من عمرها أن تسجل تقدما في شتى الميادين الفنية.
ولعل ما أحرزته من تقدم في ميدان الفن هو أروع ما يستحق التسجيل، ومن هنا كان حرص المسئولين على أن يطلعوا الصحفيين المصريين خلال زيارتهم الأخيرة على مدى التقدم الفني في باكستان.
ففي اليوم التالي لزيارة الصحفيين المصريين لكراتشي دعتهم محطة الإذاعة اللاسلكية المشهورة باسم «راديو باكستان» إلى زيارتها، وقدمت لهم في هذه الزيارة عدة برامج من غناء وموسيقى، منها الكلاسيكي ومنها الحديث.
ومع تمسك باكستان بالدين الإسلامي وتقاليده، فإن ذلك لم يحل دون الاهتمام بترقية الفن ومتابعة تطوراته مع الحرص على التقاليد الشرقية.
وأول ما يستلفت النظر في الفن الباكستاني هو أنه مستمد من طبيعة بيئة شبه القارة الهندية، ولا يكاد يفترق كثيرا عن الفن الشرقي القديم، ولعل ذلك راجع إلى أن أولئك الذين أسسوا دولة الباكستان كانوا قبل مولد دولتهم جزءا من الهند، فتشبعوا بفنها القديم ولم يعمدوا بعد ذلك إلى تغييره، لأن الفن لا يعرف وطنا.
والشيء الثاني الذي يستحق التسجيل هو أن الفن الباكستاني الحديث يعتبر صورة حية لتكوين الباكستان السياسي، فالمطربون والمطربات يحرصون جميعا على أن يسجلوا في أغنياتهم نوازعهم الوطنية القومية، وعلى الأخص ما يتعلق بحبهم لوطنهم الناشئ وتمسكهم به، وكان طبيعيا أن يستلهم هؤلاء الفنانون من شعر «إقبال» الأب الروحي للوطن الباكستاني.
فقد كان الشاعر «إقبال» أول من بشر بالباكستان، وله في ذلك دواوين خالدة من الشعر الجميل الذي يجمع بين البلاغة والحكمة والجمال.
والشيء الثالث الذي يستلفت النظر هناك هو أن النهضة السينمائية جاوزت ما كان يتوقعه النقاد الفنيون في الدول الشرقية، فقد كانوا يظنون أن تمسك الباكستان بالدين قد يقف حجر عثرة في سبيل هذه النهضة السينمائية، إلا أن الواقع هو أننا لمسنا أثناء زيارتنا مدى تفتق الوعي السينمائي في هذه البلاد، فقد رأينا أنهم أنشئوا «استديو» في كراتشي وأنفقوا عليه مبالغ كثيرة، وأخذوا يخرجون وينتجون الأفلام النظيفة التي شهد النقاد بأنها لا تقل روعة عن الأفلام التي تنتجها أرقى الدول الشرقية، وكلها باللغة الأوردية.
ومما يستحق التسجيل أن سوقا جديدة قد فتحت للفيلم المصري في باكستان ... فقد أعلنت دور السينما مدة وجودنا عن قرب عرض أول فيلم مصري، وقد لقي هذا الإعلان ترحيبا قلبيا صادقا من الباكستانيين، الذين يعتزون بصداقة مصر وبكل ما هو مصري سواء كان شخصا أم سلعة أم فنا.
الإصلاح الزراعي
Bog aan la aqoon