وما إن تستقر في «العوامة» الفاخرة وأنت تطل على البحيرة الجميلة وقد أحاطت بها الجبال من كل ناحية، حتى يحضر إليك الأهالي مرحبين ليعرضوا عليك بضائعهم المختلفة، لقد علموا بوصولك وعرفوا مكان إقامتك فحضروا إليك من البحيرة في قوارب رفيعة طويلة تسمى شيكارا
Shikara
وقد أقيمت في وسطها مظلة خشبية يجلس تحتها التاجر وأمامه بضاعته، هذا يعرض عليك أنواعا مختلفة من الأقمشة الكشميرية المطرزة وأشهرها الشيلان الكشميرية المعروفة ، وذاك يعرض عليك بعض المصنوعات الخشبية المحفورة التي تفنن فيها الكشميريون بسبب جودة الأخشاب وكثرتها، وثالث يعرض عليك بعض الأحجار الكشميرية كالعقيق والزمرد وغيرها، وآخر يعرض عليك أنواعا مختلفة من الفراء والمصنوعات الجليدية، ولا تنتهي من أحدهم إلا ويحضر لك الآخر وكل تاجر يريد أن يعرض عليك بضاعته، إنه لا يهمه أن تشتري - أو هكذا يقول على الأقل - إنهم أمهر من عرفت في طريقة عرض بضائعهم، وهم يتحدثون الإنجليزية بطلاقة عجيبة، ثق أنك لا بد مشتر منهم شيئا فهم يعرضون مصنوعات يدوية جميلة متقنة ستعجبك كثيرا، ثم هم يلحون ويلحون ولا يتركونك إلا وقد اشتريت شيئا، ولكن احذر الأسعار فأنت في كشمير سائح، وانظر ماذا يدفع السائح في مصر!
وفد الصحافة المصري في ضيافة حاكم السند. وقد ظهرت زوجته الكشميرية بملابسها الوطنية في وسط الصف الأول.
وينبت في كشمير عدد مختلف من أجمل أنواع الأزهار وألذ الفواكه كالتفاح والكمثرى والبرتقال والكريز والتين والمشمش وغيرها، وهي رخيصة الثمن جدا بسبب عدم تصديرها لصعوبة المواصلات، كما يوجد بها عدد لا بأس به من الدببة والنمور والثعالب خصوصا في المناطق الشمالية، وتوجد مواسم خاصة للصيد فتقوم الحكومة بمنح تصاريح للهواة في صيد الحيوانات أو الطيور.
ووسائل المواصلات في كشمير هي الطائرة والسيارة فقط، والأخيرة لا تصلح في فصل الشتاء بسبب وعورة المسالك وسقوط الجليد، فإذا انتقلت من مكان لآخر مرت بك السيارة في طرق حلزونية ملتوية تصعد تارة حتى تصل إلى مستوى السحاب أو فوقه وتهبط تارة أخرى حتى تخترق مجاري الأنهار ومصارف المياه.
ومما يسترعي النظر أن الطبيعة قد أضفت جمالها بسخاء على كشمير فالجبال والحيوانات والطيور قد انطبع عليها جمال خاص، وكذلك الأهالي أيضا فالنساء والبنات والأطفال آيات رائعة من الجمال، فهذه البشرة المستديرة البيضاء والعيون الزرقاء والقوام المعتدل هي الصفات التي تميز أهالي كشمير عن بقية أهالي القارة الهندية.
والكشميريون شعب مسالم يحب الهدوء والقناعة إلا أن الفقر ما زال يخيم على المنطقة بأكملها، فتجد الفلاح يكد ويكدح ليحصل على دراهم معدودة وكذلك التاجر والصانع وغيرهم، ولعل ذلك من آثار عهود الإقطاع السابقة.
ومن الطريف أن الأهالي ينتهزون موسم الأمطار فيزرعون كل شبر من الأرض سواء في أعلى الجبال أو في أسفل الوديان، حتى البحيرات العديدة يزرعونها! فتراهم يجلبون التراب ويلقون به على سطح البحيرة فيترطب ويتماسك وتتكون منه طبقة يبلغ سمكها نحو نصف متر فيزرعونها بالأزهار والفواكه المختلفة، ولكل شخص قطعة كبيرة قد تبلغ الفدان أو يزيد، وكلها متماسكة حتى إنه يستطيع أن يقف فوقها ويتفقد نباتاته. وقد ظهر بين الفلاحين نوع طريف من اللصوص الذين يسرقون الأراضي، وذلك بأن يربطوا قطعة الأرض المتماسكة في قارب ثم تنقل إلى مكان آخر على سطح البحيرة بما عليها من فواكه وأشجار، فيصبح الصباح ويتفقد الفلاح أرضه فلا يجدها! وهذه هي الحدائق العائمة في كشمير.
أما الشتاء في كشمير فهو موسم الهدوء والكساد، وللشتاء جماله هناك كما للصيف جماله، إذ تغطي الثلوج قمم الجبال وبالتالي الطرق الجبلية فتنقطع سبل المواصلات بين وادي كشمير والمناطق الأخرى، فتهرع الحكومة والهيئات الرسمية والأعيان إلى منطقة جمو حيث الشمس الساطعة والدفء الجميل.
Bog aan la aqoon