ومع ذلك فإن حكومة الباكستان تضع هذه المشكلة في المرتبة الثانية بعد مسألة الدفاع عن البلاد، وبرغم أن هذه الحكومة تقوم منذ قيام دولة الباكستان ببذل كافة الجهود لإيواء هؤلاء اللاجئين والعمل على استقرارهم، فأنه يجب علينا أن نعترف أن هذه المشكلة من الضخامة بحيث يتعذر حلها في وقت سريع.
وتبلغ نسبة المزارعين بين اللاجئين في الباكستان زهاء 70٪ من مجموعهم، وقد وفد معظم هؤلاء إلى إقليمي البنجاب والسند خلال الفترة بين عامي 1947-1948، وقد أقطعوا حال وصولهم بعض الأراضي كما منحوا قروضا وإعانات، وفي 1950 برز إلى الوجود مشروع تسوية أحوال اللاجئين الذي منح مثل هؤلاء اللاجئين المزارعين بموجبه بعض الحقوق الدائمة بصورة مؤقتة، وقد تم تنفيذ هذا المشروع في 18245 ضيعة، وتم النظر في 1014073 طلبا من الطلبات التي قدمت لامتلاك أراضي النازحين عن البلاد، وبلغت مساحة الأراضي التي تمت تسوية هذه المسائل فيها 1094951 فدانا، وبذا يمكن القول إنه قد تمت تسوية 85٪ من مثل هذه المشاكل في البنجاب.
سيل اللاجئين المشاة من الهند إلى الباكستان.
وقد منح اللاجئون في بلوجستان مثل هذه الحقوق المؤقتة، كما قطع هذا المشروع مرحلة مرضية في إقليم السند، أما ولاية بهاولبور وخير بور وإقليم الحدود وكراتشي فإنها جميعا ماضية في تنفيذه.
وكان من الطبيعي أن يؤدي استمرار وفود اللاجئين إلى البلاد إلى عدم كفاية الأرض الزراعية في إقليمي الباكستان الشرقي والغربي لسد حاجاتهم، ولذا بدأ استصلاح بعض الأراضي الجديدة في إقليمي البنجاب والسند، حيث يجري إنشاء قناطر ضخمة لاستصلاح 2800000 فدان من الأراضي، ويتوقف توفير الاستقرار للمزارعين من اللاجئين هناك على نتائج هذا المشروع. أما في الباكستان الشرقية فإن مثل هذه المشكلة تعتبر أشد تعقيدا، وذلك لشدة الضغط على الأراضي بسبب ازدحام الإقليم بالسكان.
ولقد أدت هجرة اللاجئين على هذا النطاق الواسع إلى ازدحام معظم مدن الباكستان الغربية والبنغال الشرقية، ويظهر حرج الموقف الناجم عن ذلك في المدن الكبرى كلاهور وحيدر أباد وكراتشي وداكا، التي يهرع إليها اللاجئون للبحث عن الوظائف والأعمال. والمشكلة الرئيسية التي تنجم عن هذا هي مشكلة توفير السكن لهؤلاء اللاجئين المدنيين في مثل هذه المدن المزدحمة بالسكان، وتعتزم حكومة الباكستان حلا لهذه المشكلة إنشاء مدن جديدة تلحق بهذه المدن أو توسيع أحياء المدن القائمة، وقد قامت حتى الآن بتقديم قروض إلى الأقاليم والولايات بلغ مجموعها 104,5 ملايين روبية، منها 50 مليونا لمشاريع إيواء اللاجئين و54,5 مليون روبية هي قيمة ما حصلته من ضريبة اللاجئين منذ بدئ بتحصيلها في نوفمبر عام 1950 حتى نهاية مارس 1954، كما قدمت الحكومة المركزية قرضا قدره 15 مليون روبية للبنجاب، و16,6 مليون روبية للبنغال الشرقية، وخمسة ملايين روبية للسند؛ وذلك لتدعيم القروض التي قدمت لها في العام السابق للغرض نفسه، وقد استغل زهاء 60 مليون روبية من مجموع القروض التي قدمت للولايات حتى الآن في إنشاء مثل هذه المدن الجديدة في الأقاليم.
وتجيء بعد ذلك مشكلة مياه الأنهار والقنوات.
ومشكلة مياه الأنهار وثيقة الصلة بمشكلة كشمير، ومما يستحق الذكر بشأنها أنه لما استدعت لجنة الأمم المتحدة للوساطة في موضوع كشمير الجنرال سير دوجلاس جريسي القائد العام للجيش الباكستاني وقتئذ، وهو بريطاني، روى لها الرجل وهو يبرر دخول القوات الباكستانية إلى كشمير أن إدارة المخابرات العسكرية في الجيش الباكستاني قد نمى إليها أن الجيش الهندي يعد حركة هجوم على نطاق واسع يهدف بها إلى احتلال كشمير، وقال القائد: إن المشروع، كما وصل إليه رجال المخابرات، كان يتضمن الوصول إلى نقط استراتيجية بعيدة سواء في الشمال الغربي أو الجنوب الغربي في مناطق قريبة جدا من حدود باكستان، وكلها شديدة الازدحام بالسكان وتبلغ نسبة المسلمين فيها 100٪.
وقد رأى المسئولون في باكستان أنه لو تم هذا المشروع لكان فيه القضاء على باكستان، وذلك لأن احتلال الهند لكشمير كان القصد منه وضع العالم كله أمام الأمر الواقع ... كما أنه سيكون من نتيجة تنفيذ هذه الخطة هجرة بضع مئة ألف أخرى من اللاجئين إلى باكستان مما يزيد من حدة الأزمة الاقتصادية، كما أنه يؤدي إلى تهديد دائم للحدود الباكستانية بواسطة الجيش الهندي وتهديد للخط الحديدي الذي يوصل بين بشاور ولاهور مخترقا غرب إقليم البنجاب ... وأخيرا فإن أخطر النتائج التي تترتب على ذلك هي احتلال مصادر المياه العليا للأنهار الثلاثة التي تنبع في كشمير وتجري في باكستان، إذ كان معناه سيطرة الهند على هذه المياه وإمكان خنق الباكستان في أي وقت.
ويقول جوزيف كوربل عضو بعثة الأمم المتحدة للوساطة في النزاع بشأن كشمير إن الذين قابلهم في كراتشي كانوا يعتقدون أن الهند لا ترضى بشيء أقل من إزالة الباكستان من خريطة العالم!
Bog aan la aqoon