224

Tabyeen al-Haqa'iq Sharh Kanz al-Daqa'iq wa Hashiyat al-Shalabi

تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي

Daabacaha

المطبعة الكبرى الأميرية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1314 AH

Goobta Daabacaadda

القاهرة

(سِوَى الْخُطْبَةِ) نَصٌّ عَلَى الْوُجُوبِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَالْأَوَّلُ سُنَّةٌ وَالثَّانِي فَرْضٌ وَلَا يُتْرَكُ، وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَهَذَا نَصٌّ عَلَى السُّنِّيَّةِ وَوَجْهُهُ قَوْلُهُ ﵊ فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ عَقِيبَ قَوْلِهِ فَهَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ «قَالَ لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» وَجْهُ الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: ٢] الْمُرَادُ بِهَا صَلَاةُ الْعِيدِ، وَكَذَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٥] فِي تَأْوِيلٍ وَقَدْ وَاظَبَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ ﷺ مِنْ غَيْرِ تَرْكٍ، وَهُوَ دَلِيلُ الْوُجُوبِ وَلَا حُجَّةَ فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَهِيَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ وَلَا عَلَى أَهْلِ الْقُرَى، وَكَذَا لَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَالْأَوَّلُ سَنَةٌ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ ثَبَتَ وُجُوبُهُ بِالسُّنَّةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ وَلَا يُتْرَكُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا.
قَالَ ﵀ (وَنُدِبَ فِي الْفِطْرِ أَنْ يَطْعَمَ) أَيْ يَأْكُلَ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى لِقَوْلِ أَنَسٍ ﵁ «قَلَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ وِتْرًا» وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْكُلَ شَيْئًا حُلْوًا لِمَا رَوَيْنَا قَالَ ﵀ (وَيَغْتَسِلُ وَيَسْتَاكُ وَيَتَطَيَّبُ)؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ اجْتِمَاعٍ كَالْجُمُعَةِ قَالَ ﵀ (وَيَلْبَسُ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَلْبَسُ فِي الْعِيدَيْنِ بُرْدَ حِبَرٍ» قَالَ ﵀ (وَيُؤَدِّي صَدَقَةَ الْفِطْرِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّهُ قَالَ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ نُؤَدِّيَهَا قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ» وَعَنْهُ ﵊ أَنَّهُ قَالَ «مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهُوَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ» وَلِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَأْكُلَ هُوَ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى فَيُقَدِّمُ لِلْفَقِيرِ لِيَأْكُلَ قَبْلَهَا فَيَتَفَرَّغُ قَلْبُهُ لِلصَّلَاةِ.
قَالَ ﵀ (ثُمَّ يَتَوَجَّهُ إلَى الْمُصَلَّى غَيْرَ مُكَبِّرٍ وَمُتَنَفِّلٍ قَبْلَهَا) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يُكَبِّرُ فِي طَرِيقِ الْمُصَلَّى، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْجَهْرِ لَهُمَا قَوْله تَعَالَى ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ﴾ [البقرة: ١٨٥] قَالَ أَكْثَرُهُمْ هُوَ التَّكْبِيرُ فِي طَرِيقِ الْمُصَلَّى وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ ﵃ أَجْمَعِينَ -؛ وَلِأَنَّ التَّكْبِيرَ فِيهِ مِنْ الشَّعَائِرِ وَمَبْنَاهَا عَلَى الْإِشْهَارِ وَالْإِظْهَارِ دُونَ الْإِخْفَاءِ فَصَارَ كَالْأَضْحَى وَلِأَبِي حَنِيفَةَ قَوْله تَعَالَى ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ﴾ [الأعراف: ٢٠٥] الْآيَةَ وَقَالَ ﵊ «خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ» وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الثَّنَاءِ الْإِخْفَاءُ إلَّا مَا خَصَّهُ الشَّرْعُ كَيَوْمِ الْأَضْحَى وَرُوِيَ عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّاسَ يُكَبِّرُونَ فَقَالَ لِقَائِدِهِ: أَكَبَّرَ الْإِمَامُ؟ قَالَ لَا قَالَ: أَفَجُنَّ النَّاسُ أَدْرَكْنَا مِثْلَ هَذَا الْيَوْمِ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَمَا كَانَ أَحَدٌ يُكَبِّرُ قَبْلَ الْإِمَامِ» وَسُئِلَ النَّخَعِيّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ ذَلِكَ تَكْبِيرُ الْحَاكَةِ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُمْنَعَ الْعَامَّةُ عَنْ ذَلِكَ لِقِلَّةِ رَغْبَتِهِمْ فِي الْخَيْرَاتِ وَقَوْلِهِ وَمُتَنَفِّلٍ أَيْ غَيْرِ مُتَنَفِّلٍ وَهُوَ مَكْرُوهٌ فِي الْمُصَلَّى قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ فَالْأَوَّلُ سُنَّةٌ إلَخْ) وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو مُوسَى الضَّرِيرُ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّهَا فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ قَالَ؛ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَفْعَلْهَا وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا بِفِعْلِ غَيْرِهِ فَصَارَتْ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ. اهـ. أَقْطَعُ
[مَنْدُوبَات عِيد الْفِطْر]
(قَوْلُهُ بُرْدَ حِبْرٍ) الْحِبْرُ الْوَشْيُ مِنْ التَّحْبِيرِ بِمَعْنَى التَّحْسِينِ اهـ بِخَطِّ الشَّارِحِ. اهـ. حَانُوتِيٌّ (قَوْلُهُ فَهُوَ) هَكَذَا هُوَ بِخَطِّ الشَّارِحِ وَكَتَبَ بِخَطِّهِ عَلَى الْهَامِشِ لَعَلَّهُ فَهِيَ. اهـ.
(قَوْلُهُ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْجَهْرِ) قَالَ الْأَقْطَعُ، وَهَذَا خِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ إنَّمَا هُوَ فِي عِيدِ الْفِطْرِ اهـ، ثُمَّ مَحَلُّ الْخِلَافِ التَّكْبِيرُ فِي طَرِيقِ الْمُصَلَّى ذَاهِبًا لَا جَائِيًا إذْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمَا التَّكْبِيرُ فِيهِ جَهْرًا، ثُمَّ إذَا قُلْنَا يُكَبِّرُ ذَاهِبًا هَلْ يَقْطَعُ التَّكْبِيرَ إذَا وَصَلَ إلَى الْمُصَلَّى أَوْ يُكَبِّرُ إلَى حِينِ يَشْرَعُ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ رِوَايَتَانِ هَذَا وَبِقَوْلِهِمَا قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالنَّخَعِيِّ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَابْنِ جُبَيْرٍ وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَالْحَكَمِ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَحَمَّادٍ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَبِهِ نَأْخُذُ، ثُمَّ مَا أَوَّلُ وَقْتِ التَّكْبِيرِ؟ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَابْنُ سَلَمَةَ وَعُرْوَةُ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَالشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِهِ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَقَالَ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ ابْتِدَاؤُهُ عِنْدَ الْغُدُوِّ إلَى الصَّلَاةِ لَا قَبْلَهَا وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ - وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ - قَالَ الْكَمَالُ الْخِلَافُ فِي الْجَهْرِ بِالتَّكْبِيرِ فِي الْفِطْرِ لَا فِي أَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَعِنْدَهُمَا يَجْهَرُ بِهِ كَالْأَضْحَى وَعِنْدَهُ لَا يَجْهَرُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَقَوْلِهِمَا، وَفِي الْخُلَاصَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَصْلِ التَّكْبِيرِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ إذْ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِسَائِرِ الْأَلْفَاظِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ بَلْ مِنْ إيقَاعِهِ عَلَى وَجْهِ الْبِدْعَةِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ بِدْعَةٌ تُخَالِفُ الْأَمْرَ مِنْ قَوْله تَعَالَى ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ﴾ [الأعراف: ٢٠٥] فَيُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى مَوْرِدِ الشَّرْعِ وَقَدْ وَرَدَ بِهِ فِي الْأَضْحَى، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: ٢٠٣] جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ الْمُرَادَ التَّكْبِيرُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ وَالْأَوْلَى الِاكْتِفَاءُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِأَبِي جَعْفَرٍ هَذَا الْإِمَامُ الطَّحَاوِيُّ وَأَنْ يَكُونَ الْفَقِيهُ الْهِنْدُوَانِيُّ إذْ فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَاَلَّذِي عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ الْعَامَّةُ مِنْ ذَلِكَ لِقِلَّةِ رَغْبَتِهِمْ فِي الْخَيْرَاتِ قَالَ: وَبِهِ نَأْخُذُ، وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَعَنْ الْفَقِيه أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَمِعْت أَنَّ مَشَايِخَنَا كَانُوا يَرَوْنَ التَّكْبِيرَ فِي الْأَسْوَاقِ فِي الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، وَفِي الْمُجْتَبَى وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّ إبْرَاهِيمَ بْنَ يُوسُفَ كَانَ يُفْتِي بِالتَّكْبِيرِ فِي الْأَسْوَاقِ فِي الْأَيَّامِ الْعَشْرِ قَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ وَعِنْدِي: لَا يَنْبَغِي أَنْ تُمْنَعَ الْعَامَّةُ مِنْ ذَلِكَ لِقِلَّةِ رَغْبَتِهِمْ فِي الْخَيْرَاتِ وَبِهِ نَأْخُذُ هَذَا فِي جَمْعِ التَّفَارِيقِ قِيلَ لِأَبِي حَنِيفَةَ يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْكُوفَةِ وَغَيْرِهَا أَنْ يُكَبِّرُوا أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْمَسَاجِدِ قَالَ نَعَمْ اهـ كَذَا نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ الْعَلَّامَةِ ابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ

1 / 224