219

Tabyeen al-Haqa'iq Sharh Kanz al-Daqa'iq wa Hashiyat al-Shalabi

تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي

Daabacaha

المطبعة الكبرى الأميرية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1314 AH

Goobta Daabacaadda

القاهرة

تَحْرِيمَةً وَقِيلَ: فَرَاغًا وَقِيلَ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَقِيلَ تَجُوزُ فِي مَوْضِعَيْنِ وَلَا تَجُوزُ فِي أَكْثَرَ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ إلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ عَظِيمٌ كَدِجْلَةَ وَعَنْهُ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ جِسْرٌ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِرَفْعِ الْجِسْرِ فِي بَغْدَادَ وَقْتَ الصَّلَاةِ لِتَكُونَ كَمِصْرَيْنِ.
قَالَ ﵀ (وَالسُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ) أَيْ شَرْطُ أَدَائِهَا السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُصَلَّى، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: لَا يُشْتَرَطُ لَهَا السُّلْطَانُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا ﵁ صَلَّى بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ حِينَ كَانَ عُثْمَانُ مَحْصُورًا وَلِأَنَّهَا فَرْضٌ فَلَا يُشْتَرَطُ لَهَا السُّلْطَانُ كَسَائِرِ الْفَرَائِضِ وَلَنَا قَوْلُهُ ﵊ «مَنْ تَرَكَهَا اسْتِخْفَافًا بِهَا وَلَهُ إمَامٌ عَادِلٌ أَوْ جَائِرٌ فَلَا جَمَعَ اللَّهُ شَمْلَهُ» الْحَدِيثَ وَشَرَطَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ إمَامٌ وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ أَرْبَعٌ إلَى السُّلْطَانِ فَذَكَرَ مِنْهَا الْجُمُعَةَ وَمِثْلُهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا سَمَاعًا فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهَا تُؤَدَّى بِجَمْعٍ عَظِيمٍ فَتَقَعُ الْمُنَازَعَةُ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّقَدُّمِ وَفِي أَدَائِهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْ آخِرِهِ فَيَلِيهَا السُّلْطَانُ قَطْعًا لِلْمُنَازَعَةِ وَتَسْكِينًا لِلْفِتْنَةِ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ ﵁ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ فَعَلَهُ بِإِذْنِ عُثْمَانَ فَلَا يَلْزَمُ حُجَّةٌ مَعَ الِاحْتِمَالِ.
قَالَ ﵀ (وَوَقْتُ الظُّهْرِ) أَيْ شَرْطُ أَدَائِهَا وَقْتَ الظُّهْرِ وَقَالَتْ الْحَنَابِلَةُ يَجُوزُ أَدَاؤُهَا قَبْلَ الزَّوَالِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ «أَنَّهُ ﵊ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ، ثُمَّ نَذْهَبُ إلَى جِمَالِنَا فَنُرِيحُهَا حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ» وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّهُ قَالَ «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْجُمُعَةَ ثُمَّ نَنْصَرِفُ وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ بِهِ» وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ قَالَ «مَا كُنَّا نُقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ» وَقَالَ أَبُو سُهَيْلٍ «إنَّا كُنَّا نَرْجِعُ مِنْ الْجُمُعَةِ فَنُقِيلُ قَائِلَةَ الضُّحَى» وَلِأَنَّهَا عِيدٌ لِقَوْلِهِ ﵊ «قَدْ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِي هَذَا الْيَوْمِ عِيدَانِ» فَتَجُوزُ قَبْلَ الزَّوَالِ كَصَلَاةِ الْعِيدِ، وَلَنَا الْمَشَاهِيرُ «أَنَّهُ ﵊ كَانَ يُصَلِّيهَا بَعْدَ الزَّوَالِ»، وَكَذَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ فَصَارَ إجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ وَقْتَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَإِلَّا لَمَا أَخَّرُوهَا إلَى مَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَحَدِيثُ جَابِرٍ فِيهِ إخْبَارٌ بِأَنَّ الصَّلَاةَ وَالرَّوَاحَ كَانَا حِينَ الزَّوَالِ لَا أَنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ قَبْلَهُ وَحَدِيثُ سَلَمَةَ مَعْنَاهُ لَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ طَوِيلٌ بِحَيْثُ يَسْتَظِلُّ بِهِ الْمَارُّ؛ لِأَنَّ حِيطَانَ الْمَدِينَةِ كَانَتْ قَصِيرَةً فَلَا يَظْهَرُ الظِّلُّ الَّذِي يَسْتَظِلُّ بِهِ الْمَارُّ إلَّا بَعْدَ زَمَانٍ طَوِيلٍ وَمَعْنَى حَدِيثِ سَهْلٍ وَأَبِي سُهَيْلٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يُؤَخِّرُونَ الْقَيْلُولَةَ وَالْغَدَاءَ إلَى مَا بَعْدَ الْجُمُعَةِ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِ التَّبْكِيرِ إلَيْهَا قَالَ ﵀ (فَتَبْطُلُ بِخُرُوجِهِ) أَيْ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ بِخُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ مِنْ شَرْطِهَا وَقْتُ الظُّهْرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ الظُّهْرَ عَلَيْهَا لِاخْتِلَافِ الصَّلَاتَيْنِ
قَالَ ﵀ (وَالْخُطْبَةُ قَبْلَهَا) أَيْ الْخُطْبَةُ قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ مِنْ شُرُوطِ أَدَائِهَا؛ لِأَنَّهُ ﵊ لَمْ يُصَلِّهَا بِدُونِهَا فَكَانَتْ شَرْطًا إذْ الْأَصْلُ هُوَ الظُّهْرُ وَسُقُوطُهُ بِالْجُمُعَةِ خِلَافُ الْأَصْلِ وَمَا ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ يُرَاعَى فِيهِ جَمِيعُ مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ لَا تَجُوزُ فِي أَكْثَرَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَبِهِ نَأْخُذُ، وَلَوْ حَصَلَتْ فِي الْمَسْجِدَيْنِ مَعًا كَانَتْ صَلَاتُهُمْ جَمِيعًا فَاسِدَةً وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُعِيدُوا الْجُمُعَةَ مَعًا إنْ كَانَتْ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ خُرُوجِهِ صَلَّوْا الظُّهْرَ أَرْبَعًا هَكَذَا ذَكَرَ الطَّحْطَاوِيُّ هُنَا وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ تَجُوزُ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ فِي مَوْضِعَيْنِ وَأَكْثَرَ وَأَمَّا صَلَاةُ الْعِيدِ فِي مَوْضِعَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْهُمَا فَجَائِزٌ إجْمَاعًا. اهـ. وَفِيهِ وَلَوْ نَزَلَ بِأَهْلِ مِصْرٍ نَازِلَةٌ وَخَرَجُوا مِنْ الْمِصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَصَلَّى بِهِمْ الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ إنْ كَانُوا فِي فِنَاءِ الْمِصْرِ صَحَّ، وَإِنْ كَانُوا بَعِيدًا لَا وَكَذَا صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ وَالسُّلْطَانُ إلَخْ) قَالَ فِي الْعُيُونِ وَالِي مِصْرٍ قَدْ مَاتَ وَلَمْ يَبْلُغْ مَوْتُهُ الْخَلِيفَةَ حَتَّى مَضَتْ بِهِ الْجُمَعُ فَإِنْ صَلَّى بِهِمْ خَلِيفَةُ الْمَيِّتِ أَوْ صَاحِبُ شُرْطَةٍ أَوْ الْقَاضِي جَازَ؛ لِأَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهِمْ أَمْرَ الْعَامَّةِ، وَلَوْ اجْتَمَعَتْ الْعَامَّةُ عَلَى أَنْ يُقَدِّمُوا رَجُلًا مِنْ غَيْرِ أَمْرِ خَلِيفَةِ الْمَيِّتِ أَوْ الْقَاضِي لَمْ يَجُزْ وَلَمْ تَكُنْ جُمُعَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّضْ إلَيْهِمْ أَمْرَهُمْ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ قَاضٍ وَلَا خَلِيفَةُ الْمَيِّتِ بِأَنْ كَانَ الْكُلُّ هُوَ الْمَيِّتُ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ عَلِيًّا ﵁ صَلَّى بِالنَّاسِ وَعُثْمَانُ ﵁ مَحْصُورٌ لَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَلِيٍّ ﵁ (قَوْلُهُ وَشَرَطَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ إمَامٌ إلَخْ) قَالَ الْعَيْنِيُّ وَتَجُوزُ خَلْفَ الْمُتَغَلِّبِ الَّذِي هُوَ لَا مَنْشُورَ لَهُ مِنْ السُّلْطَانِ إذَا كَانَتْ سِيرَتُهُ فِي رَعِيَّتِهِ سِيرَةُ الْأُمَرَاءِ اهـ (قَوْلُهُ قَطْعًا لِلْمُنَازَعَةِ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ ﵀ وَلِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تُجْعَلْ إلَى السُّلْطَانِ أَدَّى ذَلِكَ إلَى تَفْوِيتِهَا عَلَى النَّاسِ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ يَسْبِقُ إلَى إقَامَتِهَا لِغَرَضٍ مَعَ نَفَرٍ يَسِيرٍ فَيُفَوِّتُهَا عَلَى الْبَاقِينَ فَجُعِلَتْ إلَى السُّلْطَانِ لِيُسَوِّيَ بَيْنَ النَّاسِ وَلَا تَفُوتَ بَعْضَهُمْ. اهـ. .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَوَقْتُ الظُّهْرِ إلَخْ) وَقَالَ مَالِكٌ تَصِحُّ وَقْتَ الْعَصْرِ. اهـ. أَقْطَعُ (قَوْلُهُ لِاخْتِلَافِ الصَّلَاتَيْنِ) خِلَافًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ اهـ ع.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالْخُطْبَةُ قَبْلَهَا إلَخْ) وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ٩] وَالسَّعْيُ لَا يَجِبُ إلَى مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بِاسْتِمَاعِهَا وَنَهَى عَنْ التَّشَاغُلِ عَنْهَا، وَهَذَا صِفَةُ الْوَاجِبِ. اهـ. أَقْطَعُ (قَوْلُهُ مِنْ شُرُوطِ أَدَائِهَا) أَيْ حَتَّى لَوْ صَلَّوْا بِلَا خُطْبَةٍ أَوْ خَطَبُوا قَبْلَ الزَّوَالِ لَمْ يَجُزْ. اهـ. عَيْنِيٌّ، وَلَوْ خَطَبَ بَعْدَ مَا صَلَّى لَمْ يَجُزْ، وَفِي الْعِيدِ لَوْ قَدَّمَ الْخُطْبَةَ، ثُمَّ صَلَّى يَجُوزُ وَالْفَرْقُ أَنَّا نَعْتَبِرُ التَّغْيِيرَ بِالتَّرْكِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْخُطْبَةَ فِي الْجُمُعَةِ لَا يَجُوزُ فَكَذَا لَوْ غَيَّرَ مَوْضِعَهَا، وَلَوْ تَرَكَ الْخُطْبَةَ فِي الْعِيدِ يَجُوزُ فَكَذَا إذَا غَيَّرَ مَوْضِعَهَا اهـ

1 / 219