Tabsira
التبصرة
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Goobta Daabacaadda
بيروت - لبنان
فَخَرَجُوا يَوْمًا إِلَى عِيدٍ لَهُمْ فَخَرَجَ مَعَهُمْ، ثُمَّ أَلْقَى نَفْسَهُ فِي الطَّرِيقِ وَقَالَ: ﴿إِنِّي سقيم﴾
فلما مضوا قال: ﴿تالله لأكيدن أصنامكم﴾ والكيد: احتيال الكائد في ضر الكيد وَأَرَادَ لأَكْسِرَنَّهَا. فَسَمِعَ الْكَلِمَةَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَأَفْشَاهَا عَلَيْهِ.
فَدَخَلَ بَيْتَ الأَصْنَامِ، وَكَانَتِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ صَنَمًا مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَنُحَاسٍ وَحَدِيدٍ وَخَشَبٍ، فكسرها وجعلهم جُذَاذًا أَيْ فُتَاتًا.
ثُمَّ وَضَعَ الْفَأْسَ فِي عنق الصنم الكبير ﴿لعلهم إليه يرجعون﴾ . فِي هَاءِ الْكِنَايَةِ قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى الصَّنَمِ فَيَظُنُّونَ أَنَّهُ فَعَلَ. وَالثَّانِي: إِلَى إِبْرَاهِيمَ، وَالْمُرَادُ الرُّجُوعُ إِلَى دِينِهِ.
فَلَمَّا رَجَعُوا " قالوا: من فعل هذا بآلهتنا " فنم عليه الذي سمع منه: ﴿لأكيدن﴾ فَقَالُوا: " سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ " أَيْ يَعِيبُهُمْ.
﴿قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ الناس﴾ أي بمرأى منهم ﴿لعهلم يشهدون﴾ فيه ثلاثة اٌ قوال: أَحَدُهَا يَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَالَ لآلِهَتِنَا مَا قَالَ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ. قَالَهُ السُّدِّيُّ.
وَالثَّالِثُ: يَشْهَدُونَ عِقَابَهُ. قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ.
﴿قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إبراهيم﴾ قال: ﴿بل فعله كبيرهم﴾ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ غَضِبَ أَنْ تُعْبَدَ مَعَهُ الصِّغَارُ فَكَسَرَهَا.
وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَقِفُ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿بَلْ فعله﴾ وَيَقُولُ مَعْنَاهُ فَعَلَهُ مَنْ فَعَلَهُ، ثُمَّ يَبْتَدِئُ ﴿كبيرهم هذا﴾ وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: هَذَا مِنَ الْمَعَارِيضِ، فَتَقْدِيرُهُ: ﴿إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ فَقَدْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا﴾ .
﴿فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ﴾ حِينَ عَبَدْتُمْ مَنْ لا يَتَكَلَّمُ ﴿ثُمَّ نُكِسُوا على رءوسهم﴾ أَيْ أَدْرَكَتْهُمْ حَيْرَةٌ.
1 / 114