Tabsira
التبصرة
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Goobta Daabacaadda
بيروت - لبنان
ثُمَّ يُجَدِّدُهُ فَيَمُرُّ عَلَيْهِ مِائَةُ سَنَةٍ فَيَخْرُبُ، فَأَضْجَرَهُمْ ذَلِكَ، فَاتَّخَذُوا مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا.
قَالَ عُلَمَاءُ السِّيَرِ: لَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى قَوْلِ صَالِحٍ وَاحْتَالُوا عَلَى قَتْلِهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَنُبَيِّتَنَّهُ وأهله﴾ وَقَعَدُوا فِي أَصْلِ جَبَلٍ يَنْتَظِرُونَهُ، فَوَقَعَ الْجَبَلُ عَلَيْهِمْ فَهَلَكُوا، ثُمَّ أَقْبَلَ قَوْمٌ مِنْهُمْ يُرِيدُونَ قَتْلَ النَّاقَةِ فَقَالَ لَهُمْ صَالِحٌ: ﴿نَاقَةَ اللَّهِ وسقياها﴾ أَيِ احْذَرُوا نَاقَةَ اللَّهِ وَشِرْبَهَا مِنَ الْمَاءِ. فَكَمَنَ لَهَا قَاتِلُهَا وَهُو قُدَارُ بْنُ سَالِفٍ فِي [أَصْلِ] شَجَرَةٍ فَرَمَاهَا بِسَهْمٍ فَانْتَظَمَ بِهِ عَضَلَةُ سَاقِهَا، ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهَا بِالسَّيْفِ فَكَشَفَ عُرْقُوبَهَا، ثُمَّ نَحَرَهَا.
وَقَالُوا: يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا مِنَ الْعَذَابِ. فَقَالَ لَهُمْ صَالِحٌ: تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ.
قَالَ [الْمُفَسِّرُونَ]: لَمَّا عَقَرُوهَا صَعِدَ فَصِيلُهَا إِلَى الْجَبَلِ فَرَغَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ صَالِحٌ: لِكُلِّ رَغْوَةٍ أَجَلُ يَوْمٍ، أَلا إِنَّ الْيَوْمَ الأَوَّلَ تُصْبِحُ وُجُوهُكُمْ مُصْفَرَّةً، وَالْيَوْمَ الثَّانِي مُحْمَرَّةً، وَالْيَوْمَ الثَّالِثَ مُسْوَدَّةً. فَلَمَّا أَصْبَحُوا فِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ إِذَا وُجُوهُهُمْ مُصْفَرَّةٌ، فَصَاحُوا وَبَكَوْا وَعَرَفُوا أَنَّهُ الْعَذَابُ. فَلَمَّا أَصْبَحُوا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي إِذَا وُجُوهُهُمْ مُحْمَرَّةٌ، فَضَجُّوا وَبَكَوْا. فَلَمَّا أَصْبَحُوا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ إِذَا وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ، كَأَنَّمَا طُلِيَتْ بِالْقَارِ، فَصَاحُوا بِأَجْمَعِهِمْ: أَلا قَدْ حَضَرَكُمُ الْمَوْتُ. فَتَكَفَّنُوا وَأَلْقَوْا أَنْفُسَهُمْ بِالأَرْضِ لا يَدْرُونَ مِنْ أَيْنَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ.
فَلَمَّا أَصْبَحُوا فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ أَتَتْهُمْ صَيْحَةٌ مِنَ السَّمَاءِ فِيهَا صَوْتُ كُلِّ صَاعِقَةٍ، فَتَقَطَّعَتْ قُلُوبُهُمْ فِي صُدُورِهِمْ.
وَقَالَ مُقَاتِلٌ: حَفَرُوا لأَنْفُسِهِمْ قُبُورًا. فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ مِنَ الْيَوْمِ الرَّابِعِ [وَلَمْ يَأْتِهِمُ الْعَذَابُ] ظَنُّوا أَنَّ اللَّهَ قَدْ رَحِمَهُمْ، فَخَرَجُوا مِنْ قُبُورِهِمْ يَدْعُو بَعْضُهُمْ بَعْضًا. فَقَامَ جِبْرِيلُ ﵇ فَوْقَ الْمَدِينَةِ فَسَدَّ ضَوْءَ الشَّمْسِ، فَرَجَعُوا إِلَى قُبُورِهِمْ، فَصَاحَ [بِهِمْ] صَيْحَةً عَظِيمَةً: مُوتُوا عَلَيْكُمُ اللَّعْنَةُ. فَمَاتُوا وزلزلت
1 / 102