Tabsira
التبصرة
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Goobta Daabacaadda
بيروت - لبنان
ولا يدري أمن الأشقياء هم أَمْ مِنَ السُّعَدَاءِ؟
وَالثَّالِثُ: ذِكْرُ هَوْلِ الْمَطْلَعِ، وَلا يَدْرِي أَيُبَشَّرُ بِرِضَا اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِسَخَطِهِ؟
وَالرَّابِعُ: يَوْمَ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا وَلا يَدْرِي أَيَّ الطَّرِيقَيْنِ يَسْلُكُ بِهِ؟
فَمَحْقُوقٌ لِصَاحِبِ هَذِهِ الأَخْطَارِ أَنْ لا يُفَارِقَ الْحُزْنُ قَلْبَهُ!
بَكَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ﵁ لَيْلَةً فَأَطَالَ، فَسُئِلَ عَنْ بُكَائِهِ، فَقَالَ: ذَكَرْتُ مَصِيرَ الْقَوْمِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ﷿ " فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ " ثُمَّ صَرَخَ وَغُشِيَ عَلَيْهِ.
(كَمْ ذَا أُغَالِطُ أَمْرِي ... كَأَنَّنِي لَسْتُ أَدْرِي)
(أَغْفَلْتُ ذَا الَّذِي كَانَ ... فِي مُقَدَّمِ عُمْرِي)
(وَلَمْ أَزَلْ أَتَمَادَى ... حَتَّى تَصَرَّمَ دَهْرِي)
(مَنْ لِي إِذَا صِرْتُ رِهْنًا ... بِالذَّنْبِ فِي رَمْسِ قَبْرِي)
(بِأَيِّ عُذْرٍ أُلاقِي ... رَبِّي لِيَقْبَلَ عُذْرِي)
(فَلَيْتَ شِعْرِي مَتَى أُدْرِكُ ... الْمُنَى لَيْتَ شِعْرِي)
يَا مَنْ قَدْ وَهَى شَبَابُهُ، وَامْتَلأَ بِالزَّلَلِ كِتَابُهُ، أَمَا بَلَغَكَ أَنَّ الْجُلُودَ إِذَا اسْتُشْهِدَتْ نَطَقَتْ، أَمَا عَلِمْتَ أن النار للعصاة خلقت، إنها لتحرق كُلَّ مَا يُلْقَى فِيهَا، فَيَصْعُبُ عَلَى خَزَنَتِهَا كَثْرَةُ تَلاقِيهَا، التَّوْبَةُ تَحْجُبُ عَنْهَا، وَالدَّمْعَةُ تُطْفِيهَا، قَالَ ﷺ:
" لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنَ الزَّقُّومِ قَطَرَتْ فِي الأَرْضِ لأَمَرَّتْ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا مَعِيشَتَهُمْ " فَكَيْفَ بِمَنْ هُوَ طَعَامُهُ لا طَعَامٌ لَهُ غَيْرُهُ!
أَسَفًا لأَهْلِ النار قد هَلَكُوا وَشَقُوا، لا يَقْدِرُ الْوَاصِفُ أَنْ يَصِفَ مَا قَدْ لَقُوا، كُلَّمَا عَطِشُوا جِيءَ بِالْحَمِيمِ فَسُقُوا، وَهَذَا جَزَاؤُهُمْ إِذْ خَرَجُوا عَنِ الطَّاعَةِ وَفَسَقُوا، قُطِّعُوا وَاللَّهِ بِالْعَذَابِ وَمُزِّقُوا، وَأُفْرِدَ كُلٌّ مِنْهُمْ عَنْ فَرِيقِهِ وَفُرِّقُوا، فَلَوْ رَأَيْتَهُمْ قَدْ كُلِّبُوا فِي السَّلاسِلِ وَأُوثِقُوا وَاشْتَدَّ زَفِيرُهُمْ وَتَضَرَّعَ أسيرهم وقلقوا،
1 / 83