Tabsira
التبصرة
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Goobta Daabacaadda
بيروت - لبنان
قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الخصم إذ تسوروا المحراب﴾ الْمَعْنَى: قَدْ أَتَاكَ فَاسْتَمِعْ لَهُ نَقْصُصْهُ عَلَيْكَ.
والخصم يصلح للواحد والاثنين والجماعة والذكر والأنثى ﴿تسوروا﴾ يدل
على علو والمحراب ها هنا كَالْغُرْفَةِ. قَالَ الشَّاعِرُ:
(رَبَّةُ مِحْرَابٍ إِذَا جِئْتَهَا ... لَمْ أَلْقَهَا أَوْ أَرْتَقِي سُلَّمَا)
﴿إِذْ دَخَلُوا على داود﴾ وَهُوَ دَاوُدُ بْنُ إيشَا بْنِ عويدَ مِنْ نَسْلِ يَهُوذَا بْنِ يَعْقُوبَ.
وَكَانَ مَبْدَأُ أَمْرِهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا بَعَثَ طَالُوتَ مَلِكًا خرج من بني إسرائل مَعَهُ ثَمَانُونَ أَلْفًا لِقِتَالِ جَالُوتَ، فَقَالُوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده، فلم يثبت معه غير ثلاثمائة وَثَلاثَةَ عَشَرَ، وَكَانَ فِيهِمْ أَبُو دَاوُدَ وَثَلاثَةَ عَشَرَ ابْنًا لَهُ، وَدَاوُدُ أَصْغَرُهُمْ، وَإِنَّهُ مَرَّ بِثَلاثَةِ أَحْجَارٍ فَكَلَّمْنَهُ وَقُلْنَ: يَا دَاوُدُ خُذْنَا مَعَكَ تَقْتُلْ بِنَا جَالُوتَ. فَأَخَذَهُنَّ وَمَشَى إِلَى جَالُوتَ فَوَضَعَهُنَّ فِي قَذَّافَتِهِ فَصَارَتْ حَجَرًا وَاحِدًا ثم أرسله فصك به بَيْنَ عَيْنَيِ جَالُوتَ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ هَلَكَ طَالُوتُ فَمَلَكَ دَاوُدُ وَجَعَلَهُ اللَّهُ نَبِيًّا، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الزَّبُورَ وَعَلَّمَهُ صَنْعَةَ الْحَدِيدِ وَأَلانَهُ لَهُ، وَأَمَرَ الْجِبَالَ وَالطَّيْرَ أَنْ يُسَبِّحْنَ مَعَهُ، وَكَانَ إِذَا قَرَأَ الزَّبُورَ خَضَعَ لَهُ الْوَحْشُ حَتَّى تُؤْخَذَ بِأَعْنَاقِهَا.
وَكَانَ كَثِيرَ التَّعَبُّدِ، فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَوْمًا عِنْدَهُ: هَلْ يَأْتِي عَلَى الإِنْسَانِ يَوْمٌ لا يُصِيبُ فِيهِ ذَنْبًا؟ فَأَضْمَرَ أَنَّهُ يُطِيقُ ذَلِكَ، فَابْتُلِيَ يَوْمَ عِبَادَتِهِ بِالنَّظَرِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رَأَى طَائِرًا فِي مِحْرَابِهِ فَمَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِ فَتَنَحَّى فَأَتْبَعَهُ بَصَرَهُ فَإِذَا بِامْرَأَةٍ فَخَطَبَهَا، مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ أوريَا قَدْ خَطَبَهَا، فَتَزَوَّجَهَا، فَاغْتَمَّ أوريَا، فَعُوتِبَ إِذْ لَمْ يَتْرُكْهَا لِخَاطِبِهَا الأَوَّلِ.
هَذَا أَجْوَدُ مَا قِيلَ فِي فِتْنَتِهِ وَيَدُلُّ عليه قوله تعالى: ﴿وعزني في
1 / 282