154

Tabsira

التبصرة

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Goobta Daabacaadda

بيروت - لبنان

(أَحَقُّ بِطُولِ الْحُزْنِ مِنْ ضَيْفِ غُرْبَةٍ ... تَصَدَّعَ عَنْهُ أَهْلُهُ وَالْمَعَارِفُ)
أَيْنَ مَنْ رَبِحَ فِي مَتَاجِرِ الدُّنْيَا وَاكْتَسَبَ، أَيْنَ مَنْ أُعْطِيَ وَأُولِيَ ثُمَّ وَالَى وَوَهَبَ، أَمَا رَحَلَ عَنْ قَصْرِهِ الذَّهَبُ فَذَهَبَ، أَمَا حَلَّ بِهِ فِي الْحَرْبِ الْمُصْطَلِمِ الْحَرَبُ، أَمَا نَازَلَهُ التَّلَفُ وَأَسَرَهُ الْعَطَبُ، أَمَا نَابَتْهُ نَائِبَةٌ لا تُشْبِهُ النُّوَبَ، أَنَفَعَهُ بُكَاءُ مَنْ بَكَى أَوْ نَدْبُ مَنْ نَدَبَ، أَمَا نَدِمَ عَلَى كُلِّ مَا جَنَى وَارْتَكَبَ، أَمَا تُوقِنُونَ أَنَّ طَالِبَهُ لَكُمْ فِي الطَّلَبِ، تَدَبَّرُوا قَوْلَ نَاصِحِكُمْ صَدَقَ أَوْ كَذَبَ.
قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ﵁ إِلَى الْمَقْبَرَةِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى الْقُبُورِ بَكَى ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: يَا أَبَا أَيُّوبَ: هَذِهِ قُبُورُ آبَائِي كَأَنَّهُمْ لَمْ يُشَارِكُوا أَهْلَ الدُّنْيَا فِي لَذَّتِهِمْ وَعَيْشِهِمْ، أَمَا تَرَاهُمْ صَرْعَى قَدْ حَلَّتْ بِهِمُ الْمَثُلاتُ وَاسْتَحْكَمَ فِيهِمُ الْبَلاءُ، وَأَصَابَ الْهَوَامُّ فِي أَبْدَانِهِمْ مَقِيلا! ثُمَّ بَكَى حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: انْطَلِقْ بِنَا فَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَنْعَمَ مِمَّنْ صَارَ إِلَى هَذِهِ الْقُبُورِ وَقَدْ أَمِنَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ ﷿.
(صُوَرٌ طَوَاهَا الْمَوْتُ طَيًّا ... كَانَتْ مُحَبَّبَةً إِلَيَّا)
(تَبْلَى وَيَأْكُلُهَا التُّرَابُ ... وَذِكْرُهَا غَضٌّ إِلَيَّا)
(صَرْعَى بِأَنْوَاعِ الْحُتُوفِ ... كَأَنَّهُمْ شَرِبُوا الْحُمَيَّا)
(لَهْفِي عَلَى تِلْكَ الْوُجُوهِ ... وَهَلْ يَرُدُّ اللَّهْفُ شَيَّا)
(أَبْكِي عَلَيْهِمْ ثُمَّ أَرْجِعُ ... بَعْدَهُمْ أَبْكِي عَلَيَّا)
(أَنَا مَيِّتٌ بَعْدَ الْحَيَاةِ ... وَمَيِّتٌ لِلْحُزْنِ حَيَّا)
(بَيْتِي الثَّرَى وَلَوْ أَنَّنِي ... نِلْتُ السَّمَاءَ أَوِ الثُّرَيَّا)
(وَلَوِ اعْتَبَرْتُ لَعَادَ لِي ... غَيْلانُ وَهُوَ يَذُمُّ مَيَّا)
(مَنْ لِلسَّمَاءِ بِأَنْ تَدُومَ ... وَأَنَّهَا تُدْعَى سُمَيَّا)
(هَيْهَاتَ لا تَرْجُو الْبَقَاءَ ... وَابْكِ نَفْسَكَ يَا أُخَيَّا)
كَأَنَّكَ بِالْمَوْتِ وَقَدْ فَصَمَ الْعُرَى الَّتِي بِهَا قَدْ تَمَكَّنْتَ، وَنَقَلَكَ إلى قبر ترى فيه

1 / 174