147

Tabsira

التبصرة

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Goobta Daabacaadda

بيروت - لبنان

الدُّنْيَا دَارُ الآفَاتِ وَالْفِتَنِ، كَمْ غَرَّتْ غِرًّا وَمَا فَطَنَ، أَرَتْهُ ظَاهِرَهَا وَالظَّاهِرُ حَسَنٌ،
فَلَمَّا فَتَحَ عَيْنَ الْفِكْرِ مِنَ الْوَسَنِ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونَ وَلَنْ، وَيْحَ الْمَقْتُولِينَ بِسَيْفِ اغْتِرَارِهِمْ، وَالشَّرْعُ يَنْهَاهُمْ عَنْ أَوْزَارِهِمْ ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أبصارهم﴾ .
أَيْنَ أَرْبَابَ الْهَوَى وَالشَّهَوَاتِ، ذَهَبَتْ وَاللَّهِ اللَّذَّاتُ دُونَ التَّبِعَاتِ، وَنَدِمُوا إِذْ قَدِمُوا عَلَى مَا فَاتَ وَتَمَنَّوْا بَعْدَ يُبْسِ الْعُودِ الْعَوْدَ وَهَيْهَاتَ، فَتَلَمَّحْ فِي الآثَارِ سُوءَ أَذْكَارِهِمْ ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يغضوا من أبصارهم﴾ .
نَازَلَهُمُ الْمَوْتُ عَلَى الذُّنُوبِ، فَأُسِرُوا فِي قُيُودِ الْجَهْلِ وَالْعُيُوبِ، فَرَحَلَتْ لَذَّاتٌ خَلَتْ عَنِ الأَفْوَاهِ وَالْقُلُوبِ، وَحَزِنُوا عَلَى الْفَائِتِ وَلا حُزْنَ يَعْقُوبَ، حِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ فِي ثِيَابِ إِدْبَارِهِمْ [وَعِصِيُّ التَّوْبِيخِ فِي أَدْبَارِهِمْ] ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا من أبصارهم﴾ .
قُلْ لِلنَّاظِرِينَ إِلَى الْمُشْتَهَى فِي دِيَارِهِمْ، هَذَا أُنْمُوذَجٌ مِنْ دَارِ قَرَارِهِمْ، فَإِنِ اسْتَعْجَلَ أَطْفَالُ الْهَوَى فَدَارِهِمْ، وَعِدْهُمْ قُرْبَ الرَّحِيلِ إِلَى دَارِهِمْ ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم﴾ .
احْذَرُوا نَظْرَةً تُفْسِدُ الْقُلُوبَ، وَتَجْنِي عَلَيْكُمُ الذَّمَّ وَالْعُيُوبَ، تُسْخِطُ مَوْلاكُمْ عَالِمَ الْغُيُوبِ، لَقَدْ وَصَفَ الطَّبِيبُ حِمْيَةً لِلْمَطْبُوبِ، فَلَوِ اسْتَعْمَلُوا الْحِمْيَةَ لَمْ تَتَعَرَّضِ الْحُمَّى بِأَبْشَارِهِمْ ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أبصارهم﴾ .
وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ لِلْهُدَى، وَعَصَمَنَا مِنْ أَسْبَابِ الْجَهْلِ وَالرَّدَى، وَسَلَّمَنَا مِنْ شَرِّ النُّفُوسِ فَإِنَّهَا شَرُّ الْعِدَى، وَجَعَلَنَا مِنَ الْمُنْتَفِعِينَ بِوَعْظِ أَخْيَارِهِمْ ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم﴾ .
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصْحِبِهِ.

1 / 167