قَالَ فَأَخْبرنِي عَن السَّاعَة فَقَالَ رَسُول اللَّهِ ﷺ مَا الْمَسْئُول عَنْهَا بِأَعْلَم من السَّائِل هن خمس لَا يعملهن إِلَّا اللَّه ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَينزل الْغَيْث﴾ الْآيَة فَقَالَ الرجل صدقت
وَفِي هَذَا اللَّفْظ من الْفَوَائِد الرَّد عَلَى من حرف الْكَلم عَن موَاضعه ووقف عَلَى قَوْله فِي الرِّوَايَات السَّابِقَة فَإِن لم تكن مُشِيرا إِلَى أَن الْمُصْطَفى ﷺ أَشَارَ بذلك إِلَى مقَام الفناء قَائِلا إِن كَانَ هُنَا تَامَّة وَالْمعْنَى أَنَّك إِذا فنيت عَن نَفسك فَلم تَرَهَا شَيْئا شاهدت اللَّه تَعَالَى فَإِن النَّفس ورؤيتها حجاب دون الْحق ﷾ فَمن نحى الْحجاب شَاهد الجناب كَمَا قَالَ بعض الْمَشَايِخ رَأَيْت رب الْعِزَّة فِي النّوم فَقلت رب كَيفَ الطَّرِيق إِلَيْك فَقَالَ خل نَفسك وتعال
هَذَا كَلَام من أَشَرنَا إِلَى أَنه حرف الْكَلم عَن موَاضعه ولسنا ننكر مقَام الفناء وَلَا حق أَهله وَإِنَّمَا يُنكر عَلَى هَذَا الْقَائِل تحريفه لفظ الحَدِيث وَسُوء فهمه فَإِنَّهُ لَو كَانَ الْأَمر كَمَا زعم لجزم لفظ ترَاهُ عَلَى أَنه جَوَاب الشَّرْط فَإِن تَقْدِير فَإِن لم تكن عِنْده فَإِن فنيت وَبِذَلِك تمّ الشَّرْط وَصَارَ الْجَواب ترَاهُ وَجَوَاب الشَّرْط مجزوم
فَإِن قَالَ إِن حرف الْعلَّة قد ثَبت ونقدر الْجَزْم فِيهِ عَلَى حد وَلَا ترضاها من قَول الراجز
(إِذا الْعَجُوز غضِبت فَطلق ... وَلَا ترضاها وَلَا تلمق)
فَالْجَوَاب أَن ذَلِك إِنَّمَا يجوز فِي الضَّرُورَة ثمَّ تضيع قَوْله فَإِنَّهُ يراك وَلَا يصير بَينه وَبَين مَا قبله ارتباط وَالصَّوَاب أَن فَإِنَّهُ يراك جَوَاب الشَّرْط لَا يمتري فِي ذَلِك ذُو فهم