وقدم به والده وبإخوته إلى دمشق، عند استيلاء التتار على البلاد سنة سبع وستين. فسمع بها من ابن عبد الدائم، وابن أبي اليسر، والمجد بن عساكر، ويحيى بن الصيرفي الفقيه. وابن أبي الخير الحداد، والقاسم الإربليّ، والشيخ شمس الدين بن أبي عمر والمسلم بن علان، وإبراهيم بن الدرجي؛ وخلق.
وعني بالحديث، وسمع «المسند» مرات، والكتب الستة، و«معجم الطبراني» الكبير، وما لا يحصى من الكتب والأجزاء.
وقرأ بنفسه، وكتب بخطه جملة من الأجزاء، وأقبل على العلوم في صغره. فأخذ الفقه والأصول عن والده، وعن الشيخ شمس الدين بن أبي عمر، والشيخ زين الدين بن المنجا. وبرع في ذلك.
وقرأ في العربية أياما على ابن عبد القوي، ثم أخذ «كتاب سيبويه»، فتأمله ففهمه.
وأقبل على تفسير القرآن الكريم، وبرز فيه، وأحكم أصول الفقه.
والفرائض والحساب والجبر والمقابلة، وغير ذلك من العلوم، ونظر في علم الكلام والفلسفة وبرز في ذلك على أهله، ورد على رؤسائهم وأكابرهم، ومهر في هذه الفضائل.
وتأهل للفتوى والتدريس، وله دون العشرين سنة، وأفتى من قبل العشرين أيضا، وأمده الله بكثرة الكتب وسرعة الحفظ، وقوة الإدراك والفهم، وبطء النسيان، حتى قال غير واحد: إنه لم يكن يحفظ شيئا فينساه، ثم توفي والده وكان له حينئذ إحدى وعشرين سنة. فقام بوظائفه بعده، فدرس بدار الحديث السكرية في أول سنة ثلاث وثمانين.
وحضر عنده قاضي القضاة بهاء الدين بن الزكي. والشيخ تاج الدين
1 / 47