Tabaqat Mashayikh Bi Maghrib
طبقات المشايخ بالمغرب لأبي العباس الدرجيني
Noocyada
فلما أتفقوا على عمارتها أمروا مناديا ينادى بسباعها ووحوشها وهوامها ان أخرجوا فانا اردنا عمارة هذه الارض فأجلوها ثلاثة أيام ، وبلغنا أنهم راوا وحوشها تحمل أولادها خارجة بها منها ن فكان ذلك مما رغبهم في عمارتها وقوى عزمهم على انشائها . ثم أنهم اطلقوا النيران فاحترقت أشجارها ، وبقى أصول ما احترق منها فشق عليهم مؤونة أقتلاعها ، فعمدوا إلى حيس فلثوه بعسل ،وجعلوا تحت أصل كل شجرة منها شيئا قليلا ، فلما جن الليل طرقت الخنازير تلك الاصول ، فجعلت تتبع رائحة الحيس ن وتحفر تحت الاصول ، حتى أتت على آخرها ، فلما أصبحوا وجدوها مقتلعة ، فعمدوا إلى مكان فأصلحوا لصلاتهم ن فلما أرادوا بناءه وقع اختيارهم على اربعة مواضع فاقرعوا عليها أيها يجعل المسجد الجامع ، فوقعت القرعة على المكان الاول الذى اصلحوا لصلاتهم ، فبنوا الجامع به ، ثم أخذوا فى انشائها وعمارتها ، فجعلوها ديارا وقصورا .
ثم أن أهل الخير والصلاح وذوى الآراء السديدة من جماعة أهل الدعوة رأوا ان لهم قوة تجب معها عليهم تولية أمام . فتشاوروا فيمن يرون لذلك أهلا من القبائل ، فوجدوا من كل قبيلة رأسا أو رأسين ، فكل منهم أهل لذلك فقال فضلاؤهم : أن عبد الرحمن بن رستم ممن لا تجهلون فضله ، وهو أحد حملة العلم وعامل الامام أبى الخطاب رحمه الله ، وقد كان المسلمون عرضووا عنها ودفعها عن نفسه فهو أهل للامامة لدينه وعلمه ، وسابقته ، ومكانه ، وغير ذلك من حميد أوضافة ، لا سيما وليست له قبيلة تمنعه أن بدل أو غير . فأن رأيتم توليته أموركم فافعلوا ، فاتفق رأيهم جميعا على توليته ، فبايعوه على الامامة ، بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وآثار الخلفاء الراشدين ، فأحسن السرة في أمامته ولم ينقم عليه احد في حكومته ، ولم يكن في أيامه أختلاف ، والاباضية كلها يومئذ مجتمعة متآلفة لم يثر فيها ثأئر.
Bogga 44