أبى عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل إمامنا ومعلمنا، ومعلم من كان قبلنا منذ أكثر من ستين سنة. وموت العالم مصيبة لا تجبر، وثلمة لا تسد. وما عالم كعالم، إنهم يتفاضلون ويتباينون بونا بعيدا. فقد ظننت أن عدو الله وعدو المسلمين إبليس وجنوده قد أعدوا من الفتن أسبابا، انتظروا بها فقده، لأنه كان يقمع باطلهم، ويزهق أحزابهم.
وكانت أول بدعة علمتها فاشية من الفتن المضلة، ومن العماية بعد الهدى.
وقد رأيت قوما فى حياة أبى عبد الله كانوا لزموا البيت على أسباب من النسك، وقلة من العلم. فأكرمهم الناس ببعض ما ظهر لهم من حبهم للخير، فدخلهم العجب مع قلة العلم. فكان لا يزال أحدهم يتكلم بالامر العجيب. فيدفع الله ذلك بقول الشيخ، جزاه الله أفضل ما جزى من تعلمنا منه، ولا يكون من أحد منهم من ذلك شئ إلا كان سبب فضيحته، وهتك ما مضى من ستره. فأنا حافظ من ذلك لأشياء كثيرة. وإنما هذا من مكايد إبليس مع جنوده. يقول لأحدهم: أنت أنت، ومن مثلك؟ فقل، قد قال غيرك، ثم يلقى فى قلبه الشئ.
وليس هناك سعة فى علم، فيزين عنده: أن يبتدئه ليشمت به. وإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار.
وقد ظننت أن آخرين يلتمسون الشهرة، ويحبون أن يذكروا. وقد ذكر قبلهم قوم بألوان من البدع فافتضحوا، ولأن يكون الرجل تابعا فى الخير خير من أن يكون رأسا فى الشر. وقد قال ابن مسعود «اتبعوا، ولا تبتدعوا. فقد كفيتم، كل بدعة ضلالة» وقال «أيها الناس إنكم ستحدثون ويحدث لكم، فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالأمر الأول» وقال النبى ﷺ «البركة مع أكابركم» وقال ابن مسعود «لا يز الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم» وقال ابن عمر «كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة» وقال النبى ﷺ «ألا هلك المنتطعون» وقال الصديق رضى الله عنه «أى أرض تقلّنى؟ وأى
1 / 69