لنتبسط قليلا، من أجل تلمس مواطن الضعف في الحزب، بالحديث عن فخامة الرئيس، وعن وزير الأشغال، الأستاذ مغبغب.
على الصعيد الشخصي كان أبي، محمود تقي الدين، وكان أب الرئيس الحالي نمر شمعون صديقين حميمين، نفيا معا إلى الأناضول في زمن الأتراك، وكنت أراهما مرارا لا عداد لها على بلكوننا في - الحدث - مع سواهما من موظفي حكومة جبل لبنان أيام الحرب العالمية الأولى، يتساقون كئوس العرق، ولقد درست في دير - مار أنطون - في بعبدا مع أميل شمعون وفؤاد شمعون، ومن «الفيليبين» تكلمت على التلفون إلى نيويورك مع رئيس الوفد اللبناني الأستاذ كميل شمعون مرات عديدة، وتبادلت وإياه تلغرافات تعد كلماتها بالألوف، بمناسبة تقسيم فلسطين، وقبل أن أرجع إلى لبنان كتبت مقالا ظهر في «الصياد» عنوانه: «وجهان عربيان»، وكان عن عادل أرسلان وكميل شمعون.
وكان الحزب - منذ سنة 1948 - يساند كميل شمعون المعارض ضد رئيس الجمهورية بشارة الخوري، وإن اعتبرت بكم صوت فاز المعارضون الخمسة في الشوف سنة 1951، وكم للحزب من قوة في هذه المنطقة انتهيت إلى حقيقة، وهو أن عهد بشارة الخوري كان قد طحن المعارضة، على الصعيد الانتخابي، لولا أصوات الحزب.
وقبيل اعتزال بشارة الخوري الحكم كانت علاقة المعارضة بالحزب متوثقة، وكانت اجتماعات الأستاذ كميل شمعون بممثلي الحزب يومية والتعاون على أتمه، وفي أزمة أيلول، وقد سبقها يوم «دير القمر» كان للحزب فضل - ولا نريد أن نقول كل الفضل - في استمرار الإضراب في بيروت، وفي أن السلطة العسكرية أشارت على بشارة الخوري بالاعتزال؛ فالرئيس شمعون وبعض أصدقائه الخلص يعرفون من كان مستعدا، لو لم يعتزل بشارة الخوري الحكم.
أما وزير الأشغال الأستاذ مغبغب، فهو ابن خال لأمين في الحزب، وبين عائلته وبين أعضاء الحزب صداقات عائلية ترجع إلى ما قبل مولد نعيم مغبغب، ولقد سانده الحزب، وكان فوز مغبغب بأصوات ضئيلة في الانتخابات الأخيرة، لسبب واحد هو أن نعيم مغبغب في أزمة لبنان الكبرى - أزمة الصراع من أجل التخلص من المستعمر ونيل الاستقلال - نعيم مغبغب هذا رمى قنابل، وأطلق رصاصا، وحمل بارودة في سبيل الحرية.
وما الذي نلناه في عهد رئاسة شمعون ووزارة نعيم مغبغب؟
لم يرخص الرئيس شمعون للحزب بالعمل، لم يطلق سراح مساجينه - نسميهم «الأسرى» - مئات منا مثلوا أمام القضاء «بتهمة» الاجتماع. كتب الحزب ضبطت وأحرقت، مئات دخلوا السجن يوم الاضطراب الطائفي في بيروت، وزعنا منشورا خطه سعادة ضد التعصب الطائفي، منشورا تفخر بأن تعلقه على حائط صالون بيتك ليحفظه أولادك ويقرأه زائروك، سأمثل أمام القضاء، في محكمة أميل شمعون؛ لأدافع عن نفسي في جريمة توزيع هذا المنشور.
وفي عهد شمعون، ووزير الأشغال نعيم مغبغب، قريب بعضنا، وصديق بعضنا، الوزير الذي انتخبه، لحد بعيد، الحزب نائبا، على ماذا حصلنا؟ في وزارته أعمال المطار، والمرفأ، وأكثر أشغال النقطة الرابعة، والأوتوستراد وأشغال الطرقات وسواها - على ماذا حصلنا؟ أتحدى أيا كان من الناس أن يقول من هو القومي الاجتماعي الذي حاز على وظيفة أو ترقية، أو التزام؟ وحتى أكون صادقا مائة بالمائة؛ فإن المنفعة الوحيدة التي نلناها في هذا العهد أن الوزير مغبغب عين لنا - بعد مراجعة أربعة شهور - الرفيق فايز ملاعب من بيصور رئيس ورشة بمعاش أربع ليرات يوميا.
يا ليت الرئيس شمعون من أصفيائنا، لقد قابلته مرة واحدة طوال عهده، وقابلت رئيس الجمهورية السورية ثلاث مرات، أقول هذا بخجل كثير؛ لأن من أهم مواطن الضعف في الحزب السوري القومي الاجتماعي أنه لم يترجم قوته الشعبية إلى نفوذ في السرايات.
بدون شك أن نقولا بسترس - ولا أقصد أن أحقره أو أسيء إليه، بل هو اسم ورد إلى خاطري - له في السرايات نفوذ أكثر من الحزب السوري القومي الاجتماعي.
Bog aan la aqoon