درج البعض على عادة شعراء العرب الأقدمين، فمن الغزل إلى الفخر إلى التفجع على الطلول، حتى يخلصوا أخيرا إلى الهجوم على من كانوا من أعضاء الحزب السوري القومي الاجتماعي.
لذلك لم يكن من الغريب أن يأتي بيت شعر قاله بدر الدين حامد، في حفلة رثاء عبد الحميد كرامة في طرابلس سببا منطقيا إلى الانتهاء بالتحريض على الحزب، وقد كان الحزب غريبا عن الحفلة، وهو في لبنان غير موجود - وإلصاق التهمة بأنه «يدغدغ دلاله المتنفذون». أما الترويج ضد الكيان اللبناني، فإن أبناء العقيدة القومية الاجتماعية لا يريدون وحدة تفرض فرضا، بل كل همهم أن يبشروا وبالأساليب المشروعة؛ فيولدوا وعيا شاملا حتى إذا بلغ التطور والتفهم درجة الاقتناع في مجموع الشعب ، وزالت عوامل الحذر؛ إذ يغمر النور والإيمان والثقة نفوس أفراد الشعب، اتخذت الأمة آنئذ خطوات قانونية مشروعة، تتجسد فيها إرادتها. وهذا التطور والتفهم هما رهن الزمن، وفي كندا وفي الولايات المتحدة منظمات وأشخاص بارزون، يقولون بوحدة معجلة أو مؤجلة بين كندا والولايات المتحدة، ولم نسمع بأن أحدا منهم وصم أو مثل أمام المحاكم، أما، «الدلال الذي يدغدغه المتنفذون» والمسيطرون، فمن بعض مظاهره: (1) عدم توظيف أحد من أبناء العقيدة في الحكومة. (2) طرد الكثيرين من الدوائر الرسمية. (3) إذاعة سرية إلى الشركات أن لا تستخدم الشيوعيين ولا أعضاء الحزب السوري القومي السابقين. (4) عرقلة مصالح القوميين الاجتماعيين في كل الدوائر. (5) رقابة شديدة على التلفونات والتجول، وقد تسربت إلى دوائر الأمن بعض أوراق القوميين الخاصة. (6) وأخيرا ومؤخرا اتخاذ بعض التدابير الزجرية ضد بعض المساجين، وهم في مكان لا يستطيعون به أذية أحد.
أما حرية البحث في الإيمان، وهو حق تكفله دساتير الأمم الحرة؛ فهذا حصار ما فك عنهم ولكنه حصار خرقوه، وليس منهم من تراوده نفسه بأعمال العنف، ولكن من مصلحة بعض محترفي السياسة أن يبقوا بعض محترفي السياسة في حالة ذعر مستمر.
نكتة مستمرة
الجاهل يدفع ثمن جهله، دولة كان أم فردا.
إنكلترا فقدت بعض أجزاء إمبراطورية؛ لأنها لم تفهم الشعوب. فرنسا هوت إلى مقام دولي ثانوي للسبب نفسه. وأميركا حرمت أكبر سوق عالمي - الصين - وهي تدفع الدم في كوريا ثمنا لجهلها الشعب.
رجال الحكم المزمنون هنا - من هم اليوم في السراي، ومن كانوا أمس، ومن قد يأتون في الغد القريب، يفهمون من أمور الشعب أنه غير موجود؛ فأحاديثهم وتفكيرهم ومزاحهم وأعمالهم تنطلق من فلسفة خاصة - هذه قاعدتها، بل هذه هي النكتة المستمرة، تستثير القهقهات في الدواوين والحفلات، ورسخ هذه الفلسفة في المخيلات موضة ترداد شرحها كتابة وخطابة.
ولكن من درس النهضات يعلم أن الشعب قد يهفو أو يغفو، ولكنه لا يموت، بل إن حيويته تثبت موجوديتها أبدا - في ثورة، في نقمة، في صحافة، في مظاهرة، أو في انتخاب.
والشعب بطبيعته ، وبسبب النشوء والارتقاء ، جاهد أبدا نحو الأفضل والأكمل.
فإن كانت حقيقة العلم والمنطق والواقع تثبت أن الشعب هو أبدا واثب نحو الإصلاح والرقي؛ فما الغرابة في أن يكون بين الشعب أفراد هذا حافزهم لا سواه؟
Bog aan la aqoon