Stoicism . كان زينون انتقائيا يأخذ من كل مذهب ما يروقه، غير أن آراء المدرسة الكلبية كانت الأقرب إلى مزاجه، وعنها أخذ ازدراء التقاليد والأوضاع القائمة والآراء السائدة والمال والجاه والموت نفسه، واتباع الفطرة والعودة إلى الطبيعة؛ فالسعادة هي في أن يستكفي المرء بنفسه ويستقل عن غيره، إنها شيء داخلي أمره بيدنا ومرده إلينا وحدنا ولا يملك أحد أن يسلبنا إياه. وأخذ عن الكلبيين أيضا نزعتهم الاسمية
nominalism
و«مواطنة العالم»
cosmopolitanism . وعن هيراقليطس أخذ فكرة العقل الكلي المتجسد في اللوجوس الذي يشمل عقل العالم وعقل الكائنات الإنسانية، وفكرة نهر التغير والصيرورة، وفكرة «الاحتراق الكوني»
ekpyrosis/conflagratio
والتجدد الدوري و«العود الأبدي».
8
لم يبق لنا من أعمال زينون إلا مقتطفات ضئيلة، نعرف منها أنه يعرف الإله بأنه العقل الناري للعالم، وأنه جوهر مادي، وأنه يتخلل العالم كما يتخلل الماء في الرمل أو كما يتخلل الشهد في الخلايا. وكان زينون، وفقا لديوخينيس اللائيرتي، يرى أن القانون الكلي، أي العقل الذي يتخلل كل شيء، هو نفسه زيوس الحكم الأعلى للعالم؛ فالإله، والعقل، والقدر، وزيوس، شيء واحد. القدر هو القوة التي تحرك المادة، و«العناية» و«الطبيعة» أسماء أخرى للشيء نفسه. ويبدو أن زينون كان يؤمن بالتنجيم والعرافة، ويعزو إلى النجوم قوة تنبئية. أما المذهب الرواقي في الفضيلة فلا يظهر في المقتطفات المتبقية من زينون وإن بدا أنه كان يعتقده ويذهب إليه.
أما كليانثيس
Cleanthes ، خليفة زينون في الرواق (ولد عام 331ق.م)، فلم يبق من مصنفاته إلا مقتطفات صغيرة أهمها قصيدته الرائعة «أنشودة إلى زيوس» التي لم يبق منها إلا أربعون بيتا، والتي تشيع فيها نبرة مسيحية ندهش لصدورها عن فيلسوف وشاعر وثني. وفيها خلاصة للطبيعيات والأخلاقيات الرواقية. ونظم كليانثيس أيضا دعاء صغيرا في الإذعان للقدر، بقيت منه أبيات ذكرها إبكتيتوس الرواقي في دروسه (الموجز، 53) وترجمها سينيكا بتصرف إلى اللاتينية. يقول الدعاء:
Bog aan la aqoon