تبدأ المعرفة عند الرواقيين ب «الانطباع» أو «التصور» أو «التمثيل»
representation (phantasia)
وهو الأثر الذي يطبعه على الذهن شيء خارجي كما ينطبع الخاتم على الشمع. وهو بمثابة أول حكم على الأشياء يعرض للنفس فتمنحه «القبول» أو «التسليم» أو «التصديق»
assent ، وهذا «التصديق» قد يكون على حق وقد يكون على غير حق. فإذا كان على حق تكون النفس قد بلغت الفهم أو «الإحاطة»
comprehension
أي إدراك الأمور على نحو يطابق تصورها. وأول مراتب اليقين هو «التصور المحيط» أي الانطباع الواضح القاهر
phantasia kataleptike
الذي له من القوة والبداهة ما يحملنا على التصديق به والإذعان له. ويذهب زينون إلى أن الإنسان حين يقع في الخطأ، فيصدق شيئا باطلا، فإثم ذلك عليه هو لا على الأشياء كما وردت عليه وتأدت إليه دون أن تفرض عليه اعتقاده، بل تركت له من الحرية والاختيار ما لم يحسن الاستفادة منه. ولقد سلم الرواقيون بأن أغلب الإدراكات الحسية لا يجبرنا، بل يترك لنا وجود الاختيار في الاعتقاد، وأن الحكمة عبارة عن معرفة هذه الوجوه والتوقف عن الحكم والإمساك عن التصديق والاعتقاد.
15
يقول ماركوس في «التأملات»: «لا شيء من هذه الأشياء يصدر حكما عن نفسه أو يفرض نفسه علينا؛ فالأشياء ذاتها خاملة، وإنما نحن الذين ننتج الأحكام عنها ونطبعها في عقولنا. وإن بوسعنا ألا نطبعها على الإطلاق، وأن نمحو في الحال أي حكم تصادف انطباعه.»
Bog aan la aqoon