Ka Fiirso Maalinba Maalinta Ka Danbeysa
تأمل يوما بعد يوم: ٢٥ درسا للعيش بوعي كامل
Noocyada
الفصل الثامن عشر
أن نستمر بالتقدم رغم جروحنا
إذا ألقينا نظرة عابرة ونحن نمر بسرعة، نجد أن هذه اللوحة تظهر لحظة ريفية عذبة؛ صبية يافعة تستلقي على العشب وتراقب بيوتا في أعلى التل.
لكننا إذا توقفنا لحظة، سنشعر حينها أن شيئا ما لا يجري على ما يرام؛ يبدو العشب مسفعا من الشمس في سهل واسع مقيت لا ينتهي. البيوت بعيدة وداكنة جدا. وحتى هذه الفتاة تعطي انطباعا غريبا. ننظر إليها بتمعن ونبحث من أين يأتي انزعاجنا هذا؛ ربما من وضعيتها التي لا تبدو طبيعية تماما. إنها ليست وضعية شخص مسترخ وهو ينظر إلى السهل دون هم. يبدو أنها وضعية شخص يزحف على الأرض. ثم هناك ذراعاها النحيلتان جدا، ومرفقها الذي يبدو أنه مريض ومغطى ببقع على الجلد، ويدها اليسرى التي تتمسك بالعشب والتي تعاني من التورم والتشوه ... ماذا يحدث هنا؟ ما الذي يريد أن يقوله لنا كل هذا؟ إليكم قصة هذه اللوحة؛ هذه الصبية التي في اللوحة مريضة ومشلولة. إنها لا تتأمل الطبيعة. هي بصدد العودة إلى بيتها زاحفة لأنها ترفض أن تستخدم العكاز أو الكرسي المتحرك. بالإضافة إلى ذلك، هي ليست صبية صغيرة السن، وإنما امرأة عمرها أربع وخمسون سنة. وايث الرسام يعرفها جيدا؛ إنها كريستينا أولسون، جارته في قرية كوشينج في ولاية مين.
لوحة «عالم كريستينا» (1948)، لأندرو وايث (1917-2009)، وهي لوحة تمبرا على جص، بأبعاد 0,819 × 1,213 متر، متحف الفن الحديث، نيويورك.
إذن إننا نفهم الآن، بشكل أكثر وضوحا سبب انزعاجنا أمام هذه اللوحة. إنها تظهر لنا معاناة خفية، كاشفة الغم والوحدة. لكنها تحكي أيضا قصة هذا الملجأ الذي يوجد عند الأفق، والذي يجب علينا الاقتراب منه ما استطعنا. وأخيرا هي تطرح سؤالا عن السؤال الذي يطرح نفسه علينا دائما في حياتنا؛ هل نستسلم، أم نكمل؟ هل نزحف ونتقدم رغم جروحنا؟
يجب ألا نسعى إلى إلغاء كل معاناة، أو تخفيفها وإنما يجب ألا نتأثر بوجودها.
سيمون فاي، «الجاذبية والنعمة»
الجروح المخفية
هناك الجروح الجسدية الظاهرة. وهناك أيضا جروح الروح، وحالات الضعف الناتجة عن الفقد، أو مآسي الماضي. إنها هي غير مرئية، ولكنها مسجلة في أرواحنا وأجسادنا. قد نعيها أحيانا، وأحيانا أخرى تكون نائمة. هذه الهشاشة تجعل منا أناسا يعيشون بين عالمين؛ طبيعيين في الظاهر، ومريضين في السر.
Bog aan la aqoon