Ka Fiirso Maalinba Maalinta Ka Danbeysa
تأمل يوما بعد يوم: ٢٥ درسا للعيش بوعي كامل
Noocyada
اختبر الانسان حالة التأمل منذ بدء الخليقة؛ فالتأمل أساسي كالنوم والحركة. وعاش كل واحد منا حالات من الوعي الكامل مرارا دون إدراك لهذه الحالات. يقول أنسي الحاج: «أعجب من شخص يرى لوحة جميلة، أو يسمع مقطوعة موسيقية ويقول لنفسه: يا إلهي، ما أجملها! ثم لا تتغير حياته.»
في كل مرة نقف فيها مشدوهين أمام الجمال، نكون في حالة وعي كامل. إنها تلك اللحظة التي تسرق كل حواسنا.
لقد استمد علماء الغرب مبادئ التأمل (بمفهومه العلمي والعلماني) من الديانات والتيارات الفلسفية الشرقية؛ فلسفة الزن اليابانية، والبوذية، والكونفوشية، وأيضا من فلسفة المتصوفة. قاموا بممارسته ودراسته، ثم نقلوه إلى الآخرين دارسين ومرضى. إنه يشبه في ذلك تفاصيل حياتنا التي لا يجدي فيها النقل النظري والتحليلي، وإنما الممارسة، لهذا فإن كل أساتذة ومعالجي التأمل مارسوه قبل أن يقوموا بنقله.
والآن أدعوكم إلى اختبار هذه التجربة البسيطة: لنغمض أعيننا ونتخيل أننا وحيدون في عاصفة بحرية هائجة. لا ضوء ولا منارة هادية؛ فإذا نظرنا حولنا لا نجد إلا الظلام والخوف، حيث السماء قريبة والغيوم ثقيلة والريح تعصف بكل شيء. إننا وحيدون في سفينة تائهة تتقاذفها الأمواج، ويهددها الغرق. لنمسك إذن دفة السفينة بهدوء وثبات ونحافظ عليها فوق الماء. لنتخيل الآن أننا لسنا فقط ربان السفينة لكننا السفينة ذاتها؛ لنشعر بالماء البارد يدفعنا في كل اتجاه، يجرفنا دون نهاية، ونشعر بالأمواج ترفعنا ثم تسقط علينا من فوق ومن كل جهة قبل أن تنحسر للحظة استعدادا للهجوم من جديد على الجسد الخشبي المرتعش. وماذا لو كنا البحر أيضا، الذي يبقى في المكان بأعماقه التي لا تسبر وسطحه المتموج الذي يرزح تحت العاصفة الغاضبة والمتوعدة، يحاول أن يأخذ لحظة راحة، لكن العاصفة تعود من جديد بقوة أكبر. ورغم ذلك لن يتوقف عن حمل السفينة الخائفة وربانها الوحيد. وماذا لو كنا نحن أنفسنا هذه العاصفة التي لا تهدأ؛ مليئة بالغضب والحركة، مضطربة وضائعة. افتحوا وعيكم على اتساعه على هذا الربان الوحيد، والسفينة الخائفة، والبحر الهائج، والعاصفة العاتية التي لا تهدأ. والآن ماذا لو قمنا، في هذه اللحظة، بخطوة جانبا «أن نقف على حدة»! خطوة واحدة بهدوء وبطء، بسلام وراحة؛ أن نخطو خارج العاصفة بثقة وثبات، فلا نجد غير بحر يحملنا كسرير نوم، وسماء صافية، غطاء دافئ ومشمس. إن هذه الخطوة هي بالضبط ما يدعونا إليه كريستوف أندريه في دروس التأمل التي يقدمها في كتابه هذا.
أود تقديم خالص شكري للصديقة والأخت العزيزة ميساء القصير، التي راجعت هذا الكتاب بكل أقسامه، ولولا جهودها وملاحظاتها القيمة لما وصل الكتاب بصيغته هذه للقراء.
سامح صالح، مونبلييه
25 / 06 / 2019
المعجزة هي أن تسير على هذه الأرض.
تيك نيات هان
أن نعيش حالة وعي كامل هذا يعني أن نعطي اهتماما منتظما وهادئا للحظة الحاضرة. قد تغير هذه الحالة من طبيعة علاقتنا مع العالم بشكل جذري، وتخفف من معاناتنا وتزيد من ابتهاجنا. إن حالة الوعي الكامل هي أحد أشكال التأمل التي يمكن أن نتعلم ممارستها بسهولة وسرعة، لكن الوصول إلى التمكن الكامل يتطلب سنوات من التمرين (مثل أي نشاط مهم نقوم به في حياتنا اليومية).
Bog aan la aqoon