Ta'wil Mukhtalif al-Hadith

Ibn Qutaybah d. 276 AH
82

Ta'wil Mukhtalif al-Hadith

تأويل مختلف الحديث

Daabacaha

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

Lambarka Daabacaadda

الطبعة الثانية

Sanadka Daabacaadda

1419 AH

وَذكر أَن حُجَّةِ الْعَقْلِ قَدْ تَنْسَخُ الْأَخْبَارَ، وَأَحَادِيثَ يَنْقُضُ بَعْضُهَا بَعْضًا. وَسَنَذْكُرُهَا فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. كَذِبُ أَبِي الْهُذَيْلِ الْعَلَّافِ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: ثُمَّ نَصِيرُ إِلَى قَوْلِ أَبِي الْهُذَيْلِ الْعَلَّافِ، فَنَجِدُهُ كَذَّابًا، أَفَّاكًا. وَقَدْ حَكَى عَنْهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَقَالَتِهِ أَنَّهُ حَضَرَ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَهْمِ، وَهُوَ يَقُولُ لَهُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، إِنَّ يَدَيَّ صَنَاعٌ فِي الْكَسْبِ، وَلَكِنَّهَا فِي الْإِنْفَاقِ خَرْقَاءُ١، كَمْ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ قَسَّمْتَهَا عَلَى الْإِخْوَانِ -أَبُو فُلَانٍ يَعْلَمُ ذَلِكَ، سَأَلْتُكَ بِاللَّهِ يَا أَبَا فُلَانٍ هَلْ تَعْلَمُ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: يَا أَبَا الْهُذَيْلِ مَا أَشُكُّ فِيمَا تَقُولُ. قَالَ: فَلَمْ يَرْضَ أَنْ حَضَرْتُ، حَتَّى اسْتَشْهَدَنِي، وَلَمْ يَرْضَ إِذِ اسْتَشْهَدَنِي٢ حَتَّى اسْتَحْلَفَنِي. قَالَ: وَكَانَ أَبُو الْهُذَيْلِ أَهْدَى دَجَاجَةً إِلَى مُوَيْسِ بْنِ عِمْرَانَ، فَجَعَلَهَا مَثَلًا لِكُلِّ شَيْءٍ، وَتَارِيخًا لِكُلِّ شَيْءٍ، فَكَانَ يَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، قَبْلَ أَنْ أَهْدِيَ إِلَيْكَ تِلْكَ الدَّجَاجَةَ وَكَانَ كَذَا، بَعْدَ أَنْ أَهْدَيْتُ إِلَيْكَ تِلْكَ الدَّجَاجَةَ، وَإِذَا رَأَى جَمَلًا سَمِينًا قَالَ: لَا وَاللَّهِ، وَلَا تِلْكَ الدَّجَاجَةُ الَّتِي أَهْدَيْتُهَا إِلَيْكَ. وَهَذَا نَظَرُ مَنْ لَا يَقْسِمُ عَلَى الْإِخْوَانِ عَشْرَةَ أَفْلُسٍ، فَضْلًا عَنْ مِائَتَيْ أَلْفٍ. وَحَكَى مِنْ خَطَئِهِ فِي الْاسْتِطَاعَةِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ الْفَاعِلَ فِي وَقْتِ الْفِعْلِ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ لِفِعْلٍ آخَرَ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَلْزَمُوهُ الْاسْتِطَاعَةَ مَعَ الْفِعْلِ بِالْإِجْمَاعِ، فَقَالُوا: قَدْ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ كُلَّ فَاعِلٍ مُسْتَطِيعٌ فِي حَالِ فِعْلِهِ فَالْاسْتِطَاعَةُ مَعَ الْفِعْلِ ثَابِتَةٌ. وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهَا قَبْلَهُ؛ فَنَحْنُ عَلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ، وَعَلَى مَنِ ادَّعَى أَنَّهَا قَبْلَ الْفِعْلِ الدليلُ، فَلَجَأَ إِلَى هَذَا القَوْل.

١ خرقاء: لَا تحفظ المَال. ٢ وَفِي نُسْخَة: شهِدت.

1 / 94