272

Ta'wil Mukhtalif al-Hadith

تأويل مختلف الحديث

Daabacaha

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

Lambarka Daabacaadda

الطبعة الثانية

Sanadka Daabacaadda

1419 AH

فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ تَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ ﷿، أَطْلَقَ لَهُ ﷺ إِنَّ يَحْظُرَ وَأَنْ يُطْلِقَ بَعْدَ أَنْ حَظَرَ، لِمَنْ شَاءَ.
وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ، لَتَوَقَّفَ عَنْهَا، كَمَا تَوَقَّفَ حِينَ سُئِلَ عَنِ الْكَلَالَةِ، وَقَالَ لِلسَّائِلِ "هَذَا مَا أُوتِيتُ، وَلَسْتُ أَزِيدُكَ حَتَّى أُزَادَ"١.
وَكَمَا تَوَقَّفَ حِينَ أَتَتْهُ الْمُجَادِلَةُ٢ فِي زَوْجِهَا، تَسْأَلُهُ عَنِ الظِّهَارِ، فَلَمْ يُرْجِعْ إِلَيْهَا قَوْلًا، وَقَالَ: "يَقْضِي اللَّهُ ﷿ فِي ذَلِكَ".
وَأَتَاهُ أَعْرَابِيٌّ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَعَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ، وَبِهِ أَثَرُ طِيبٍ فَاسْتَفْتَاهُ، فَمَا رَجَعَ إِلَيْهِ قَوْلًا، حَتَّى تَغَشَّى ثَوْبَهُ وَغَطَّ غَطِيطَ الْفَحْلِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَأَفْتَاهُ،
"وَالسُّنَّةُ الثَّالِثَةُ" مَا سَنَّهُ لَنَا تَأْدِيبًا، فَإِنْ نَحْنُ فَعَلْنَاهُ، كَانَتِ الْفَضِيلَةُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ نَحْنُ تَرَكْنَاهُ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَأَمْرِهِ فِي الْعِمَّةِ بِالتَّلَحِّي، وَكَنَهْيِهِ عَنْ لُحُومِ الْجَلَالَةِ، وَكَسْبِ الْحَجَّامِ٣.
وَكَذَلِكَ نَقُولُ فِي تَحْرِيمِهِ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَكُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ، مَعَ قَوْلِ اللَّهِ عز: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ ٤.

١ أخرجه مَالك فِي الْمُوَطَّأ: فَرَائض ٧، والدارمي: فَرَائض ٢٦، وَأحمد: ١/ ٢٦، ٣٨، ٤/ ٢٩٣. وَقد وَجَدْنَاهُ بِلَفْظ.
عَن مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: أَن عمر بن الْخطاب سَأَلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَن الْكَلَالَة؛ فَقَالَ لَهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: "يَكْفِيك من ذَلِك الْآيَة الَّتِي أنزلت فِي الصَّيف آخر سُورَة النِّسَاء ".
٢ هِيَ خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة: اشتكت زَوجهَا أَوْس بن الصَّامِت إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ واستفتته فِي ظِهَاره لَهَا، وجادلته فِي ذَلِك فَأنْزل الله تَعَالَى فِيهَا قَوْله: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ﴾ سُورَة المجادلة.
٣ الْحجام: المصاص، وحرفته الْحجامَة كالكتابة، وَكَانَ النَّاس قَدِيما يتداوون بهَا لإِخْرَاج الدِّمَاء الْفَاسِدَة من ظُهُورهمْ.
٤ الْآيَة ١٤٥ من سُورَة الْأَنْعَام.

1 / 286