Ta'wil Mukhtalif al-Hadith
تأويل مختلف الحديث
Daabacaha
المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق
Lambarka Daabacaadda
الطبعة الثانية
Sanadka Daabacaadda
1419 AH
Noocyada
Culuumta Xadiiska
وَالنَّاسُ دِثَارٌ" ١؛ يُرِيدُ: أَنَّكُمْ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيَّ، كَالشِّعَارِ الَّذِي يَلِي الْجَسَدَ، وَالنَّاسُ دِثَارٌ، أَيْ: أَبْعَدُ مِنْكُمْ، كَمَا أَنَّ الدِّثَارَ فَوْقَ الشِّعَارِ، وَالشِّعَارُ يُصِيبُهُ الْمَنِيُّ وَالْعَرَقُ وَالنَّدَى، إِذَا كَانَ بِالْمَرْءِ قَاطِرُ بَوْلٍ، أَوْ بَدَرَتْ مِنْهُ بَادِرَةٌ، فَكَانَ لَا يُصَلِّي فِي شُعُرِ نِسَائِهِ، لِمَا لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَنَالَهَا، إِذَا هُوَ جَامَعَ، أَوْ إِذَا اسْتَثْقَلَتِ الْمَرْأَةُ، أَوْ إِذَا حَاضَتْ مِنَ الدَّمِ.
وَقِيلَ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ، وَأَنَا إِلَى جَانِبِهِ، وَعَلَيَّ مِرْطٌ لِي، وَعَلَيْهِ بَعْضُهُ؛ وَالْمِرْطُ لَا يَكُونُ شِعَارًا، كَمَا يَكُونُ الْإِزَارُ شِعَارًا، لِأَنَّهُ كِسَاءٌ مِنْ صُوفٍ، وَرُبَّمَا كَانَ مِنْ شَعْرٍ، وَرُبَّمَا كَانَ مِنْ خَزٍّ، وَإِنَّمَا يُلْقَى فَوْقَ الْإِزَارِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَمِمَّا يُوَضِّحُ لَكَ هَذَا حَدِيثٌ حَدَّثَنِيهِ عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، خَرَجَ ذَاتَ غَدَاةٍ، وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ"٢.
وَالْمُرَحَّلُ: الْمُوَشَّى، وَيُقَالُ لِذَلِكَ الْعَمَلِ: التَّرْحِيلُ.
قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ، وَذَكَرَ امْرَأَتَهُ:
فَقُمْتُ بِهَا أَمْشِي تَجُرُّ وَرَاءَنَا ... عَلَى أَثَرَيْنَا ذَيْلُ٣ مِرْطٍ مُرَحَّلِ
وَمِمَّا يُوَضِّحُ لَكَ أَنَّ الْمِرْطَ لَمْ يَكُنْ شِعَارًا لِعَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ: "كَانَ يُصَلِّي، وَعَلَيْهِ بَعْضُ الْمِرْطِ، وَعَلَيْهَا بَعْضُهُ"٤.
وَلَوْ كَانَ شِعَارًا، لَانْكَشَفَتْ مِنْهُ لِأَنَّ الشِّعَارَ لَطِيفٌ، لَا يَصْلُحُ لِأَنْ يُصَلَّى فِيهِ، وَتَكُونُ هِيَ مَسْتُورَةً بِهِ.
١ البُخَارِيّ مغازي ٥٦، وَمُسلم: زَكَاة ١٣٩، وَابْن ماجة: مُقَدّمَة ١١ وَأحمد ٢/ ٤١٩، ٣/ ٢٤٢، ٤/ ٤٢، ٥/ ٣٠٧.
٢ مُسلم: لِبَاس ٣٦، فَضَائِل الصَّحَابَة ٦١، أَبُو دَاوُد: لِبَاس ٥، وَالتِّرْمِذِيّ: أدب ٤٩، وَأحمد: ٦/ ١٦٢.
٣ المرط: بِالْكَسْرِ، كسَاء من صوف أَو خَز.
٤ أَبُو دَاوُد: طَهَارَة ١٢٣، وَابْن ماجة: طَهَارَة ١٣١، وَأحمد: ٦/ ٦٧، ١٤٦، ٩٩، ١٢٩، ١٣٧، ١٩٩، ٢٢٠، ٢٤٩، ٣٣٠، ١٦٧.
1 / 259