Ta'wil Mukhtalif al-Hadith
تأويل مختلف الحديث
Daabacaha
المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق
Lambarka Daabacaadda
الطبعة الثانية
Sanadka Daabacaadda
1419 AH
Noocyada
Culuumta Xadiiska
وَكَيْفَ يَجُوعُ، مَنْ وَقَفَ سَبْعَ حَوَائِطَ مُتَجَاوِرَةٍ بِالْعَالِيَةِ١.
ثُمَّ لَا يَجِدُ -مَعَ هَذَا- مِنْ يُقْرِضُهُ أَصْوَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، حَتَّى يَرْهَنَ دِرْعَهُ؟!!
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَنَحْنُ نَقُولُ إِنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا مَا يُسْتَعْظَمُ، بَلْ مَا يُنْكَرُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُؤْثِرُ عَلَى نَفْسِهِ بِأَمْوَالِهِ، وَيُفَرِّقُهَا عَلَى الْمُحِقِّينَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَعَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينَ، وَفِي النَّوَائِبِ الَّتِي تَنُوبُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَرُدُّ سَائِلًا، وَلَا يُعْطِي إِذَا وَجَدَ إِلَّا كَثِيرًا، وَلَا يَضَعُ دِرْهَمًا فَوْقَ دِرْهَمٍ، وَقَالَتْ لَهُ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَاكَ سَاهِمَ٢ الْوَجْهِ، أَمِنْ عِلَّةٍ؟ فَقَالَ: "لَا، وَلَكِنَّهَا السَّبْعَةُ الدَّنَانِيرُ، الَّتِي أَتَيْنَا بِهَا أَمْسِ، نَسِيتُهَا فِي خصم ٣ الفراس فَبِتُّ وَلَمْ أُقَسِّمْهَا" ٤.
وَكَانَتْ عَائِشَةُ ﵂ تَقُولُ فِي بُكَائِهَا عَلَيْهِ: "بِأَبِي، مَنْ لَمْ يَنَمْ عَلَى الْوَثِيرِ٥ وَلَمْ يَشْبَعْ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ"٦.
وَلَيْسَ يَخْلُو قَوْلُهَا هَذَا، مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
إِمَّا أَنْ يَكُونَ يُؤْثِرُ بِمَا عِنْدَهُ، حَتَّى لَا يَبْقَى عِنْدَهُ مَا يُشْبِعُهُ -وَهَذَا بَعْضُ صِفَاتِهِ، وَاللَّهُ ﷿ يَقُولُ: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ ٧، أَوْ يَكُونُ لَا يَبْلُغُ الشِّبَعَ مِنَ الشَّعِيرِ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ إِفْرَاطَ الشِّبَعِ، وَقَدْ كَرِهَ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّالِحِينَ وَالْمُجْتَهِدِينَ، وَهُوَ ﷺ، أَوْلَاهُمْ بِالْفَضْلِ، وأحراهم بِالسَّبقِ،
١ الْعَالِيَة: مَا فَوق نجد إِلَى أَرض تهَامَة إِلَى مَا وَرَاء مَكَّة، وقرى بِظَاهِر الْمَدِينَة وَهِي: العوالي. "قَامُوس الْمُحِيط". ٢ ساهم الْوَجْه: متغير لون الْوَجْه لعَارض. ٣ الْخصم: الْجَانِب. ٤ مُسْند أَحْمد ٦/ ٢٩٣، ٣١٤. ٥ الوثير: اللَّبن. ٦ البُخَارِيّ: أَطْعِمَة ٢٣. ٧ سُورَة الْحَشْر: الْآيَة ٩.
1 / 217