183

Ta'wil Mukhtalif al-Hadith

تأويل مختلف الحديث

Daabacaha

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

Lambarka Daabacaadda

الطبعة الثانية

Sanadka Daabacaadda

1419 AH

وَالَّذِي أَخْبَرْتُكَ بِهِ، شَيْءٌ يَحْتَمِلُهُ التَّأْوِيلُ، وَيُبَاعِدُهُ عَنِ الشَّنَاعَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَمْ يَأْتِ أَهْلُ التَّكْذِيبِ بِهَذَا وَأَشْبَاهِهِ، إِلَّا لِرَدِّهِمُ الْغَائِبَ عَنْهُمْ، إِلَى الْحَاضِرِ عِنْدَهُمْ، وَحَمْلِهِمُ الْأَشْيَاءَ عَلَى مَا يَعْرِفُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَمِنَ الْحَيَوَانِ وَالْمَوَاتِ، وَاسْتِعْمَالِهِمْ حُكْمَ ذَوِي الْجُثَثِ١ فِي الرُّوحَانِيِّينَ. فَإِذَا سَمِعُوا بِمَلَائِكَةٍ عَلَى كَوَاهِلِهَا الْعَرْشُ، وَأَقْدَامُهَا فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى، اسْتَوْحَشُوا مِنْ ذَلِكَ، لِمُخَالَفَتِهِ مَا شَاهَدُوا -وَقَالُوا: كَيْفَ تَخْرِقُ جُثَثُ هَؤُلَاءِ السَّمَاوَاتِ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَالْأَرْضِينَ وَمَا فَوْقَهَا، مِنْ غَيْرِ أَنْ نَرَى لِذَلِكَ أَثَرًا؟ وَكَيْفَ يَكُونُ خَلْقٌ لَهُ هَذِهِ الْعَظَمَةُ؟ وَكَيْفَ تكون أرواحًا وَلها كواهل وأقدام٢. وَإِذَا سَمِعُوا بِأَنَّ جِبْرِيلَ ﵇، مَرَّةً أَتَى النَّبِيَّ ﷺ فِي صُورَةِ أَعْرَابِيٍّ، وَمَرَّةً فِي صُورَةِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، وَمَرَّةً فِي صُورَةِ شَابٍّ، وَمَرَّةً سَدَّ بِجَنَاحَيْهِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. قَالُوا: كَيْفَ يَتَحَوَّلُ مِنْ صُورَةٍ إِلَى صُورَةٍ؟ وَكَيْفَ يَكُونُ مَرَّةً فِي غَايَةِ الصِّغَرِ؟ وَمَرَّةً فِي غَايَةِ الْكِبَرِ؛ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُزَادَ فِي جِسْمِهِ وَلَا جُثَّتِهِ وَأَعْرَاضِهِ؟ لِأَنَّهُمْ لَا يُعَايِنُونَ إِلَّا مَا كَانَ كَذَلِكَ. وَإِذَا سَمِعُوا بِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَصِلُ إِلَى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، حَتَّى يُوَسْوِسَ لَهُ وَيَخْنِسَ. قَالُوا: مِنْ أَيْنَ يَدْخُلُ؟ وَهَلْ يَجْتَمِعُ رُوحَانِ فِي جِسْمٍ؟ وَكَيْفَ يَجْرِي مَجْرَى الدَّمِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَوِ اعْتَبَرُوا مَا غَابَ عَنْهُمْ، بِمَا رَأَوْهُ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ، لَعَلِمُوا أَنَّ الَّذِي قَدَرَ عَلَى أَنْ يُفَجِّرَ مِيَاهَ الْأَرْضِ كلهَا إِلَى الْبَحْر،

١ وَفِي نُسْخَة: الْخبث. ٢ وَفِي نُسْخَة: وأقدار.

1 / 197