Ta'wil Mukhtalif al-Hadith
تأويل مختلف الحديث
Daabacaha
المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق
Lambarka Daabacaadda
الطبعة الثانية
Sanadka Daabacaadda
1419 AH
Noocyada
Culuumta Xadiiska
قَالُوا: حَدِيثٌ يُبْطِلُهُ الْقُرْآنُ
١٦- الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ:
قَالُوا: رُوِّيتُمْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِبَنِيهِ: " إِذَا أَنَا مِتُّ فَأَحْرِقُونِي، ثُمَّ اذْرُونِي فِي الْيَمِّ، لَعَلِّي أُضِلُّ اللهَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ، فَجَمَعَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ -أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ- عَلَى مَا فعلتَ؟ قَالَ: مَخَافَتُكَ يَا رَبِّ، فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ" ١.
قَالُوا: وَهَذَا كَافِرٌ، وَاللَّهُ لَا يَغْفِرُ لِلْكَافِرِ، وَبِذَلِكَ جَاءَ الْقُرْآنُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَنَحْنُ نَقُولُ فِي: "أُضِلُّ اللَّهَ"٢ إِنَّهُ بِمَعْنَى "أَفُوتُ اللَّهَ" تَقُولُ: ضَلَلْتُ كَذَا وَكَذَا وَأَضْلَلْتُهُ. -وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى﴾ ٣ أَيْ لَا يَفُوتُ رَبِّي.
وَهَذَا رجل مُؤمن بِاللَّه، مقربه، خَائِفٌ لَهُ، إِلَّا أَنَّهُ جَهِلَ صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ، فَظَنَّ أَنَّهُ إِذْ أحرق وذري الرِّيحِ أَنَّهُ يَفُوتُ اللَّهَ تَعَالَى، فَغَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ بِمَعْرِفَتِهِ مَا بِنِيَّتِهِ وَبِمَخَافَتِهِ مِنْ عَذَابِهِ جَهْلَهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ مِنْ صِفَاتِهِ.
وَقَدْ يَغْلَطُ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، قَوْمٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَحْكُمُ عَلَيْهِمْ بِالنَّارِ، بَلْ تُرْجَأُ أُمُورُهُمْ إِلَى مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بهم وبنياتهم.
١ البُخَارِيّ: تَوْحِيد ٣٥، أَنْبيَاء ٥٤، رقاق ٣٥، وَمُسلم: تَوْبَة ٣٥، ٣٧، وَالنَّسَائِيّ: جنائز ١١٧، وَابْن ماجة: زهد ٣٠، والدارمي: رقاق ٩٣، والموطأ: جنائز ٥٣، ومسند أَحْمد: ١/ ٥، ٢٩٨، ٢/ ٢٦٩، ٣٠٤.
٢ وَقد وَجَدْنَاهُ فِي صَحِيح البُخَارِيّ بِلَفْظ: عَن حُذَيْفَة عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "كَانَ رجل مِمَّن كَانَ قبلكُمْ يسيء الظَّن بِعَمَلِهِ فَقَالَ لأَهله: إِذا أَنا مت فخذوني فذروني فِي الْبَحْر فِي يَوْم صَائِف، فَفَعَلُوا بِهِ، فَجَمعه الله، ثمَّ قَالَ: مَا حملك على الَّذِي صنعت. قَالَ: مَا حَملَنِي عَلَيْهِ إِلَّا مخافتك. فغفر لَهُ ".
وَقد تتبعنا رِوَايَات البُخَارِيّ الثَّلَاث فَلم نجد عبارَة: "لعَلي أضلّ الله" والْحَدِيث بروايات البُخَارِيّ لَا يحْتَاج إِلَى تَأْوِيل، وَالله أعلم.
٣ سُورَة طه: الْآيَة ٥٢.
1 / 186