169

Ta'wil Mukhtalif al-Hadith

تأويل مختلف الحديث

Daabacaha

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

Lambarka Daabacaadda

الطبعة الثانية

Sanadka Daabacaadda

1419 AH

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ﴾ ١ أَرَادَ أَنَّ يُونُسَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ صَبْرٌ كَصَبْرِ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ، مَا دَلَّكَ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَفْضَلُ مِنْهُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لَهُ: لَا تَكُنْ مِثْلَهُ. وَذَلِكَ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: "لَا تُفَضِّلُونِي عَلَيْهِ" طَرِيقَ التَّوَاضُعِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ: لَا تُفَضِّلُونِي عَلَيْهِ فِي الْعَمَلِ، فَلَعَلَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا مِنِّي، وَلَا فِي الْبَلْوَى وَالِامْتِحَانِ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ مِنِّي مِحْنَةً. وَلَيْسَ مَا أَعْطَى اللَّهُ تَعَالَى نَبِيُّنَا ﷺ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ السُّؤْدُدِ، وَالْفَضْلِ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ بِعَمَلِهِ، بَلْ بِتَفْضِيلِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُ، وَاخْتِصَاصِهِ لَهُ، وَكَذَلِكَ أُمَّتُهُ أَسْهَلُ الْأُمَمِ مِحْنَةً. بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّهْلَةِ٢، وَوَضَعَ عَنْهَا الْإِصْرَ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي فَرَائِضِهِمْ. وَهِيَ -مَعَ هَذَا- خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للنَّاس، بِفضل الله تَعَالَى.

١ سُورَة الْقَلَم: الْآيَة ٤٨. ٢ وَفِي نُسْخَة: السمحة.

1 / 183