Ta'wil Mukhtalif al-Hadith

Ibn Qutaybah d. 276 AH
165

Ta'wil Mukhtalif al-Hadith

تأويل مختلف الحديث

Daabacaha

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

Lambarka Daabacaadda

الطبعة الثانية

Sanadka Daabacaadda

1419 AH

فَهَؤُلَاءِ كَانُوا يُقِرُّونَ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَيُؤْمِنُونَ بِهِ، فَكَيْفَ لَا يَكُونُ الطَّيِّبُ الطَّاهِرُ الْمُطَهَّرُ يُؤْمِنُ بِهِ قَبْلَ الْوَحْيِ؟! وَهَذَا لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَذْهَبُ عَلَيْهِ أَنَّ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ﴾ أَنَّ الْإِيْمَانَ، شَرَائِعُ الْإِيْمَانِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ، أَنَّهُ كَانَ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ﵉. وَقَوْمِهِ هَؤُلَاءِ، لَا أَبُو جَهْلٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْكُفَّارِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ١. وَقَالَ لِنُوحٍ: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾ ٢ يَعْنِي: ابْنَهُ، لَمَّا كَانَ عَلَى غَيْرِ دِينِهِ. وَأَمَّا تَزْوِيجُهُ ابْنَتَيْهِ كَافِرَيْنَ، فَهَذَا أَيْضًا مِنَ الشَّرَائِعِ الَّتِي كَانَ لَا يَعْلَمُهَا. وَإِنَّمَا تَقْبُحُ الْأَشْيَاءُ بِالتَّحْرِيمِ، وَتَحْسُنُ بِالْإِطْلَاقِ وَالتَّحْلِيلِ. وَلَيْسَ فِي تَزْوِيجِهِمَا كَافِرَيْنَ، قَبْلَ أَنْ يُحَرِّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ إنكاح الْكَافرين، وَقيل أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، مَا يُلْحِقُ بِهِ كُفْرًا بِاللَّهِ تَعَالَى.

١ سُورَة إِبْرَاهِيم: الْآيَة ٣٦. ٢ سُورَة هود: الْآيَة ٤٦.

1 / 179