Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
Daabacaha
دار الأدب الاسلامي
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Noocyada
فَلَمَّا أَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ كِتَابَ الفَارُوقِ قَالَ:
قَدْ عَلِمْتُ حَاجَةَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ إِلَيَّ، فَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَبْقِيَنِي مَنْ لَيْسَ بِبَاقٍ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ يَقُولُ:
يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ حَاجَتَكَ إِلَيَّ، وَإِنِّي فِي جُنْدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ وَلَا أَجِدُ بِنَفْسِي رَغْبَةً عَنِ الَّذِي يُصِيبُهُمْ(١) ...
وَلَا أُرِيدُ فِرَاقَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيَّ وَفِيهِمْ أَمْرَهُ ...
فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَحَلِّلْنِي مِنْ عَزْمِكَ، وَائْذَنْ لِي بِالبَقَاءِ.
فَلَمَّا قَرَأَ عُمَرُ الكِتَابَ بَكَى حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ لَهُ مَنْ عِنْدَهُ - لِشِدَّةِ مَا رَأَوْهُ مِنْ بُكَائِهِ -:
أَمَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ؟
فَقَالَ: لَا، وَلَكِنَّ المَوْتَ مِنْهُ قَرِيبٌ.
وَلَمْ يَكْذِبْ ظَنُّ الفَارُوقِ، إِذْ مَا لَبِثَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَنْ أُصِيبَ بِالطَّاعُونِ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ أَوْصَى مَنْ عِنْدَهُ فَقَالَ:
إِنِّي مُوصِيكُمْ بِوَصِيَّةٍ إِنْ قَبِلْتُمُوهَا لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ:
أَقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَآتُوا الزَّكَاةَ، وَصُومُوا شَهْرَ رَمَضَانَ، وَتَصَدَّقُوا، وَحُجُّوا وَاعْتَمِرُوا، وَتَوَاصَوْا، وَانْصَحُوا لِأُمَرَائِكُمْ وَلَا تَغُشُّوهُمْ ...
وَلَا تُلْهِكُمُ الدُّنْيَا، فَإِنَّ المَرْءَ لَوْ عُمِّرَ أَلْفَ حَوْلٍ مَا كَانَ لَهُ بُدٌّ مِنْ أَنْ يَصِيرَ
إِلَى مَصْرَعِي هَذَا الَّذِي تَرَوْنَ ...
(١) لا أجد بنفسي رغبة عن الذي يصيبهم: أي لا أرغب في أن أحفظ نفسي مما يصيبهم.
97