Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
Daabacaha
دار الأدب الاسلامي
Daabacaad
الأولى
Noocyada
فَبَيْنَا أَنَا فِي المَسْجِدِ إِذْ مَرَّ بِي شَابٌّ مِنْ قُرَيْشِ عَلَيْهِ حُلَّةٌ سَابِغَةٌ(١) مِنْ تِلْكَ الحُلَلِ الَّتِي أَرْسَلَ إِلَيَّ مِنْهَا عُمَرُ، وَهُوَ يَجُرُّهَا عَلَى الأَرْضِ جَرًّا؛ فَذَكَرْتُ لِمَنْ مَعِيَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ أَثْرَةً مِنْ بَعْدِي)، وَقُلْتُ: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَانْطَلَقَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ وَأَخْبَرَهُ بِمَا قُلْتُ، فَجَاءَنِي مُشْرِعاً وَأَنَا أُصَلِّي فَقَالَ:
صَلِّ يَا أُسَيْدُ.
فَلَمَّا قَضَيْتُ صَلَاتِي أَقْبَلَ عَلَيَّ وَقَالَ: مَاذَا قُلْتَ؟.
فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ وَبِمَا قُلْتُ.
فَقَالَ: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ، تِلْكَ حُلَّةٌ بَعَثْتُ بِهَا إِلَى فُلَانٍ، وَهُوَ أَنْصَارِيٌّ عَقَبِيٌّ بَدْرِيٌّ أُحُدِيٌّ(٢)، فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ هَذَا الفَتَى القُرَشِيُّ وَلَبِسَهَا...
أَتَظُنُّ أَنَّ هَذَا الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ فِي زَمَانِي؟!!.
فَقَالَ أُسَيْدٌ: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ لَقَدْ ظَنَنْتُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ فِي زَمَانِكَ.
***
لَمْ يُعِشْ أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ بَعْدَ ذَلِكَ طَوِيلاً، فَقَدِ اخْتَارَهُ اللَّهُ إِلَى جِوَارِهِ فِي عَهْدِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْ عُمَرَ.
فَوُجِدَ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْناً مِقْدَارُهُ أَرْبَعَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَهَمَّ وَرَثَتُهُ بِبَيْعِ أَرْضٍ لَهُ لِوَفَاءِ دُيُونِهِ.
(١) حلّة سابغة: حلّة طويلة واسعة.
(٢) عقبي: نسبة إِلَى العقبة حيث بايع الأنصار الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تلكَ البيعةَ المشهورةَ، وبَدْري: نسبة إِلَى موقعة بدر، وأُحُدي: نسبة إِلى موقعة أُحُد.
175