Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
Daabacaha
دار الأدب الاسلامي
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Noocyada
الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَنْ يَكُونَ هَذَا الْبَطَلُ البَاسِلُ فِي عِدَادِ الجَيْشِ الغَازِي.
* * *
وَفِي آخِرِ مَعْرَكَةٍ مِنْ تِلْكَ المَعَارِكِ الثَّمَانِينَ حَمَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى عَدُوِّهِمْ حَمْلَةً بَاسِلَةً صَادِقَةً فَأَخْلَى ((الفُرْسُ)) لَهُمُ الجُسُورَ المَنْصُوبَةَ فَوْقَ الخَنْدَقِ، وَلَّاذُوا بِالمَدِينَةِ، وَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ حِصْنِهَا المَنِيعِ.
* * *
انْتَقَلَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ هَذَا الصَّبْرِ الطَّوِيلِ مِنْ حَالٍ سَيِّئَةٍ إِلَى أُخْرَى أَشَدَّ سُوءًا، فَقَدْ أَخَذَ ((الفُرْسُ)) يُنْطِرُونَهُمْ مِنْ أَعَالِي الأَبْرَاجِ بِسِهَامِهِمُ الصَّائِبَةِ... وَجَعَلُوا يُدَلُّونَ مِنْ فَوْقِ الأَسْوَارِ سَلَاسِلَ مِنَ الحَدِيدِ، فِي نِهَايَةِ كُلِّ سِلْسِلَةٍ كَلَالِيبُ مُتَوَهِّجَةٌ مِنْ شِدَّةِ مَا حُمِّيَتْ بِالنَّارِ.
فَإِذَا رَامَ(١) أَحَدُ جُنُودِ الْمُسْلِمِينَ تَسَلُّقَ السُّورِ أَوِ الاِقْتِرَابَ مِنْهُ، أَنْشَبُوهَا فِيهِ(٢) وَجَذَبُوهُ إِلَيْهِمْ، فَيَحْتَرِقُ جَسَدُهُ، وَيَتَسَاقَطُ لَحْمُهُ، وَيُقْضَى عَلَيْهِ.
* * *
اشْتَدَّ الكَرْبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَخَذُوا يَسْأَلُونَ اللَّهَ بِقُلُوبٍ ضَارِعَةٍ خَاشِعَةٍ أَنْ يُفَرِّجَ عَنْهُمْ، وَيَنْصُرَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِ وَعَدُوِّهِمْ.
* * *
وَبَيْنَمَا كَانَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ يَتَأَمَّلُ سُورَ ((تُسْتَرَ)) العَظِيمَ، يَائِسًا مِنِ اقْتِحَامِهِ، سَقَطَ أَمَامَهُ سَهْمٌ أُطْلِقَ نَحْوَهُ مِنْ فَوْقِ السُّورِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا فِيهِ رِسَالَةٌ تَقُولُ: لَقَدْ وَثِقْتُ بِكُمْ مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنِّي أَسْتَأْمِنُكُمْ عَلَى نَفْسِي وَمَالِي وَأَهْلِي وَمَنْ تَبِعَنِي، وَلَكُمْ عَلَيَّ أَنْ أَدُلَّكُمْ عَلَى مَنْفَذٍ تَنْفُذُونَ مِنْهُ إِلَى المَدِينَةِ.
فَكَتَبَ أَبُو مُوسَى أَمَانًا لِصَاحِبِ السَّهْمِ، وَقَذَفَهُ إِلَيْهِ بِالنَّشَّابَةِ(٣).
(١) رام: أراد. (٢) أنشبوها فيه: علقوها فيه، وأدخلوها في لحمه. (٣) النشابة: السهم.
162