Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
Daabacaha
دار الأدب الاسلامي
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Noocyada
وَلإِسْلَامِ عَدِيٍّ بْنِ حَاتِمٍ قِصَّةٌ لَا تُنْسَى ... فَلْنَتْرُكْ لِلرَّجُلِ نَفْسِهِ الحَدِيثَ عَنْ قِصَّتِهِ؛ فَهُوَ بِهَا أَوْلَى، وَبِرِوَايَتِهَا أَجْدَرُ(١).
قَالَ عَدِيّ:
مَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ كَانَ أَشَدَّ مِنِّي كَرَاهَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ سَمِعْتُ بِهِ؛ فَقَدْ كُنتُ امْرَأَ شَرِيفًا، وَكُنتُ نَصْرَانِيًّا، وَكُنتُ أَسِيرُ فِي قَوْمِي بِالرِّبَاعِ؛ فَآَخُذُ الرَّبُعَ مِنْ غَنَائِمِهِمْ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ غَيْرِي مِنْ مُلُوكِ الْعَرَبِ.
فَلَمَّا سَمِعْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَرِهْتُهُ.
وَلَمَّا عَظُمَ أَمْرُهُ وَاشْتَدَّتْ شَوْكَتُهُ(٢)، وَجَعَلَتْ جُيُوشُهُ وَسَرَايَاهُ تُشَرِّقُ وَتُغَرِّبُ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ؛ قُلْتُ لِغُلامٍ لِي تَرْعَى إِبِلِي:
لَا أَبَا لَكَ(٣)، أَعْدِدْ لِي مِنْ إِبِلِي نُوقًا سِمَانًا سَهْلَةَ الْقِيَادِ وَارْبِطْهَا قَرِيبًا مِنِّي، فَإِنْ سَمِعْتَ بِجَيْشٍ لِمُحَمَّدٍ أَوْ بِسَرِيَّةٍ مِنْ سَرَايَاهُ قَدْ وَطِئَتْ هَذِهِ الْبِلَادَ فَأَعْلِمْنِي...
وَفِي ذَاتِ غَدَاةٍ أَقْبَلَ عَلَيَّ غُلَامِي وَقَالَ:
يَا مَوْلَايَ، مَا كُنْتَ تَنْوِي أَنْ تَصْنَعَهُ إِذَا وَطِئَتْ أَرْضَكَ خَيْلُ مُحَمَّدٍ فَاصْنَعْهُ الآنَ.
فَقُلْتُ: وَلِمَ؟! فَكِلَتْكَ أُمُّكَ(٤).
فَقَالَ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَايَاتٍ تَجُوسُ(٥) خِلَالَ الدِّيَارِ، فَسَأَلْتُ عَنْهَا، فَقِيلَ لِي هَذِهِ جُيُوشُ مُحَمَّدٍ... فَقُلْتُ لَهُ:
(١) أجدر: أَحَقُّ.
(٢) اشتدت شوكته: ازدادت قوته.
(٣) لا أبا لك: كلمة تقال في المدح والذم، والمراد بها هنا المدح.
(٤) ثكلتك أمك: فقدتك.
(٥) تجوس خلال الديار: تتجول في أرجاء الديار.
136