117

Scenes from the Lives of the Companions

صور من حياة الصحابة

Daabacaha

دار الأدب الاسلامي

Lambarka Daabacaadda

الأولى

وَكَانَ فِي طَلِيعَةٍ هَؤُلَاءِ النَّفْرِ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ؛ لِذَا تَسَلَّلَ مُتَخَفِّياً مِنْ مَكَّةَ، وَيَتَّجِهُ وَجْهَهُ شَطْرَ(١) ((اليَمَنِ))، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَلَاذٌ(٢) إِلَّا هُنَاكَ.

***

عِنْدَ ذَلِك مَضَتْ أُمّ حَكِيمٍ زَوْجُ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ، وَهِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ(٣) إِلَى مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَمَعَهُمَا عَشْرُ نِسْوَةٍ لِيُبَايِعْنَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَدَخَلْنَ عَلَيْهِ، وَعِنْدَهُ اثْنَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِهِ وَابْنَتُهُ فَاطِمَةُ(٤) وَنِسَاءٌ مِنْ نِسَاءِ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَتَكَلَّمَتْ هِنْدُ وَهِيَ مُتَنَقِّبَةٌ(٥) وَقَالَتْ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَظْهَرَ الدِّينَ الَّذِي اخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ، وَإِنِّي لَأَسْأَلَكَ أَنْ تَمَسَّنِي رَحِمُكَ بِخَيرٍ(٦)، فَإِنِّي امْرَأَةٌ مُؤْمِنَةٌ مُصَدِّقَةٌ ... ثُمَّ كَشَفَتْ عَنْ وَجْهِهَا وَقَالَتْ:

هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

فَقَالَ لَهَا الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (مَرْحَباً بِكِ).

فَقَالَتْ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ بَيْتٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَذِلَّ مِنْ بَيْتِكَ، وَلَقَدْ أَصْبَحْتُ وَمَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ بَيْتٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَعِزَّ مِنْ بَيْتِكَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ: (وَزِيَادَةً أَيْضاً).

ثُمَّ قَامَتْ أُمّ حَكِيمٍ زَوْجُ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ فَأَسْلَمَتْ وَقَالَتْ:

(١) يمم وجهه شطر اليمن: اتجه نحو اليمن.
(٢) ملاذ: ملجأ.
(٣) هند بنت عتبة: زوج أبي سفيان، وهي أم معاوية رضي الله عنه.
(٤) فاطمة الزهراء: انظرها في كتاب ((صور من حياة الصحابيات)) للمؤلف.
(٥) متنقبة: أي واضعة النقاب على وجهها خجلاً من رسول الله عليه السلام لتمثيلها بعمه حمزة بن عبد المطلب يوم أحد.
(٦) أن تمسني رحمك بخير: أن تحسن معاملتي لما بيني وبينك من قرابة.

121