أويردي الإنسان في الحرب خلق
الله ظلما لكي تعيش بلاده
ابن حامد :
إن تكن ميتة البسالة والمجد
فأكرم بها، ونعم جهاده
انظري، إننا أمام الحمراء. هذا القصر الذي يعانق السماء بقببه، والرابض على الثرى بأعمدته. إن هذا القصر بما حوله هو كل ما بقي لنا من تراث الجدود، ملوك عزيزو الجانب قاموا بتشييده، فاشتركت في بنائه عقول ناضجة، وقلوب نبيلة، وسواعد قوية. وها هو تحفة الفن وأعجوبة العصر، ولكن غرناطة صائرة بحمرائها إلى ما صارت إليه طليطلة بمعاهدها، وقرطبة بجوامعها، وأشبيلية بقلاعها، وذلك إذا لم نذد عن الحمراء بالأحمر من دمائنا، فلا تقع لقمة سائغة في فم أعدائنا. أفلا يسوءك أن تندثر هذه المدنية الزاهرة وقد اندثرت قرون وقرون في سبيل ازدهارها؟
دريدة :
ولكنك تدافع عن عرش طاغية ظالم لا عن غرناطة! وهل تنسى فساد أبي عبد الله وما يضمره لك من ضغينة؟
ابن حامد :
أنا أدافع عن عرش وطني لا عن عرش أبي عبد الله! إن الملوك فانون، أما المبادئ فخالدة، أنا أعلم أن أبا عبد الله طاغية غاشم، وأشعر بعدائه لي، ولكن الوطن فوق كل عاطفة! إنني أرى هذه الرياض حولي زاهية زاهرة، وأرى هذه الجوامع والمباني قائمة مشمخرة، ولكن ... قد يأتي زمن تندثر فيه، وتصبح خرائب وأطلالا، فلا يبقى من الحمراء غير بعض جدرانها، ومن جنة العريف غير بعض ترابها، فإذا مر بها أحد حفدتنا في المستقبل البعيد، ووقف في هذا الموضع، ونظر إلى الأطلال والدمعة في عينه، والحسرة في قلبه ، وقال: هنا تألق مجد أجدادي وهنا تقلص، هنا قامت مدينة بناها الشمم وهدمها الفساد، هنا ضاعت أمجادي وحال عزي، فأصبحت من أمة خاملة مضيعة، وأنا سليل شعب رفع للمدنية منارها، وكان للوطنية فخارها! هذا الحفيد سيعلن أبا عبد الله مضيع عرش أجداده، ولكنه لن يلعن من استماتوا في سبيل الذود عن حياضهم. وهذه أعظم مكافأة لنا عن جهادنا إذا لم يثمر دفاعنا؛ فضاعت جهودنا.
Bog aan la aqoon