Sunduq Dunya
صندوق الدنيا
Noocyada
لقد سهلت علي الأمر جدا فما أظن بك - وأنت غصن من هذه الدوحة الفينانة - إلا أنك تعرف كيف كانا في الجنة وماذا أخرجهما منها، وكيف قتل جدي قابيل جدي هابيل وإن كانت الكتب تقول إن أحدهما مات ولم يعقب ولدا، وأظن جدك القتيل، وغير ذلك من الحوادث البارزة التي لا تزال طبقة ترويها عن طبقة وجيل يتلقفها من جيل إلى يومنا هذا، فلنمض إلى من هم أقرب إلينا.
هو :
إن أسرتنا الكريمة أشهر من أن تحتاج إلى تعريف، فأرجو ألا تجشم نفسك ... (فلم يعجبني أن يحشر نفسه في أسرتي بعد أن أخرجته منها ونويت ألا أعده - فيما بيني وبين نفسي - إلا من سلالة معاتيق جدي قابيل، بيد أني كتمت هذا وقلت مقاطعا له):
أنا :
سأقتصر على واحد أو اثنين من مشاهير أجدادي الأقربين لتعرف من أية أيكة كريمة خرج هذا الفرع الذي يتشرف بأن تراه أمامك (انحناء منه ومني)
فمنهم: مالك بن الريب بن حوط المازني، وكان زعيما لقومه وبلغ من قوته وسطوته أنه كان ورفقاؤه - أعني أتباعه - يقطعون الطريق على رعايا الخليفة ويسومون الناس ما شاءوا، غير أن الخليفة لم يحتمل هذه المنافسة ولم يطق صبرا على هذا المزاحم فطلبه، وكان مالك قد رأى أن البلاد لم يبق بها ما يستحق أن يؤخذ فتركها للخليفة ومضى بثلته إلى فارس حيث لم يكف عن ركوب الناس بالأذى حتى أجرى الوالي عليه مبلغا شهريا، فلم توافقه هذه الحياة الوديعة فمات بعد الكف بقليل.
ومن مشاهيرهم: هلال بن الأسعر المازني، كان رجلا فيه فكاهة عملية وكان يحلو له أن يركب الناس بالدعاية، فكان يشحذ سيفه القديم ويخرج في الظلام فإذا مر به أحد شكه بالسيف في بطنه، فيثب ثم يقع على الأرض فيغرب جدي في الضحك ويذهب إليه ويلاطفه ويخفف عنه حمله، ألا لقد كان مفطورا على الفكاهة.
ومن أكرمهم أيضا: مسعود بن حرشة المازني، كان شديد العطف على الناس والمرثية لهم فعاش عمره لا عمل له إلا إراحة إخوانه في الإنسانية من الإبل ومما يحملون، ولكن حساد فضله وشوا به لعامل الخليفة فقطع له نصفه الأعلى وعلقه في مكان ظاهر في سوق كبير، وأتاح له بذلك أن يشرف على الناس ويتأملهم زمنا كافيا.
هو :
قد اقتنعت يا سيدي بأن فرعكم أنبل وأشرف، وبودي لو تسمحون لي بطائفة قليلة من الأسئلة عن شخصكم الكريم مخافة أن تنسوه في وسط هذا العباب الطامي من المجد التليد. (فلم أرتح إلى هذه المقاطعة التي لا شك عندي في أن الحسد هو المغري بها. كنت أريد أن أغمره بسيل من هذه الحقائق التي ترفع الرأس وتطيل القامة، غير أني قدرت أن الفرصة لم تضع، وأنها لا محالة سانحة، فقلت له: تفضل.)
Bog aan la aqoon