مُقدِّمَة
الحمدُ للهِ الكريمِ المنّانْ، ذي الطَّوْلِ والفضلِ والإحسانْ، الذي هدانا للإيمانْ، وفضَّل دينَنا على سائرِ الأديانْ، ومنّ علينا بإرسالِهِ إلينا أكرمَ خلقِهِ عليْهْ، وأفضلَهُمْ لدَيْهْ، حبيبَهُ وخليلَهْ، وعبدَهُ ورسولَهْ، محمدًا ﷺ فمحا به عبادة الأوثان، وأكرمه ﷺ بالقرآن المعجزةِ المستمرّةِ على تعاقُبِ الأزمانْ، التي تَحدّى بها الإنسَ والجانْ، وأَفحمَ بها جميعَ أهلِ الزّيغِ والطغيانْ، وجعلَهُ ربيعًا لقلوبِ أهلِ البصائرِ والعرفانْ، لا يَخْلَقُ على كثرةِ الترديدِ وتغايُرِ الأحيانْ، ويسَّره للذكرِ حتى استظهرَهُ صغارُ الولدانْ، وضَمِنَ حفظَهُ من تطرُّقِ التغيُّرِ والحَدَثَانْ، وهو محفوظٌ بحمدِ اللّهِ وفضلِهِ ما اختلف المَلَوَانْ، نَحمَدُه على ذلك وغيرِهِ من نعمِهِ التي لا تُحصى خصوصًا على نعمةِ الإيمانْ، ونسألُهُ المنّةَ علينا وعلى سائرِ المسلمينَ بالرّضوانْ، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللّهُ وحدَهُ لا شريكَ له شهادةً محصِّلةً للغفرانْ، مُنقِذةً أصحابَها من النّيرانْ، مُوصِّلةً لهم إلى سُكنى الجِنانْ (^١).
أما بعدُ:
فهذه الثلاثةُ الأجزاءِ تكملةٌ لما سبقَ إخراجُهُ مما انتهى إلينا من مخطوطِ "سننِ سعيدِ بنِ منصورٍ"، ننشرُها مُحقَّقة مُخرَّجةَ الأحاديثِ والآثارِ، على هذهِ الصورةِ من التجويدِ التي تعاضدتْ عليها جهودُ الإخوةِ الباحثين في مكتبِنا.
_________
(^١) مقتبس من مقدمة كتاب "التبيان في آداب حملة القرآن" للنووي ﵀.
6 / 5