سنن النبي (صلى الله عليه وآله) تأليف الأستاذ العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي قدس سره مع ملحقات لسماحة حجة السلام والمسلمين الشيخ محمد هادي الفقهي مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
Bogga 1
شابك - 3 - 047 - 470 - 964 3 - 047 - 470 - ISBN 964 سنن النبي (صلى الله عليه وآله) تأليف: الأستاذ العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي قدس سره تحقيق وإلحاق: حجة السلام والمسلمين الحاج الشيخ محمد هادي الفقهي الموضوع: السنن والآداب عدد الصفحات: 416 طبع ونشر: مؤسسة النشر الاسلامي المطبوع: 1000 نسخة التاريخ: شهر رمضان / 1416 ه. ق مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
Bogga 2
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي من علينا إذ بعث فينا رسوله الصفي وأمينه الرضي، إمام من اتقى وبصيرة من اهتدى، سيرته القصد وسنته الرشد، وقال - عز من قائل -: * (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) * اللهم اجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك على محمد عبدك ورسولك الخاتم لما سبق والفاتح لما انغلق، وصل على آله المعصومين شجرة النبوة ومحط الرسالة ومختلف الملائكة، ومعادن العلم وينابيع الحكم، وأعنا على الاستنان بسنتهم ونيل الشفاعة لديهم.
وبعد، فإن الكتاب الماثل بين يديكم من تآليف العالم النحرير والمفسر الكبير والفيلسوف المتأله آية الله العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي قدس الله روحه وحشره مع أوليائه المكرمين وأجداده الطاهرين.
وقد جمع فيه شطر مما اثر عن النبي الكريم في السنن والآداب في مختلف المجالات التي كان (صلى الله عليه وآله) يدأب عليها ويديم العمل بها، وبإذن منه (رحمه الله) قد ألحق به وأضاف إليه تلميذه النبيل العالم الجليل سماحة حجة الاسلام والمسلمين الحاج الشيخ محمد هادي الفقهي مد ظله مجموعة أخرى من السنن المأثورة مستدركا لما فات من المؤلف (قدس سره) وبذلك صار كتابا جامعا في موضوعه وافيا بالمقصود منه، جزاهما الله عن النبي وعترته والعاملين بسنته خير الجزاء.
Bogga 3
ولقد صدر هذا السفر القيم من قبل في زمن حياة العلامة (قدس سره) مذيلا بترجمة فارسية للأحاديث، وطبع مكررا.
ولما كانت مؤسستنا تهدف إلى نشر الكتب النافعة - سيما ما كان منها في طريق إحياء السنة وإماتة البدعة - فقد اقترحنا على سماحة الحجة الحاج الشيخ محمد هادي الفقهي - دامت إفاضاته - أن يمنحنا الإذن في إصدار هذا السفر القيم في ثوب جديد وبحذف الترجمة الفارسية ليقل حجمه، نظرا إلى استغناء أكثر القراء الكرام - في أنحاء الدول الإسلامية العربية وغيرها - عنها، وقد ساعدنا سماحته في إنجاح هذا المأمول، ثم بذل مجهودا آخر بإجالة البصر وتدقيق النظر في المتن وكتابة مقدمة نافعة ثانية، فلا يسعنا إلا أن نشكره شكرا جزيلا سائلين الله تعالى له أجرا جميلا.
ونشكر أيضا الإخوة الكرام الفضلاء الذين بذلوا جهودا في المقابلة والتصحيح وتخريج نصوص الكتاب مرة أخرى من مصادرها المطبوعة بالطباعة الحديثة، وعنوا بترصيفه وتنميقه، إلى أن خرج الكتاب بهذه الصورة الجميلة والحلة القشيبة، ولله الحمد وله المن.
مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
Bogga 4
مقدمة:
بسم الله الرحمن الرحيم نبدأ باسم الله الذي منه وإليه جميع الأمور، وإياه نستعين وهو الفياض على الإطلاق، ومنه جميع الألطاف.
والحمد لله الأول بلا أول كان قبله، والآخر بلا آخر يكون بعده، الذي قصرت الأبصار عن رؤيته، وعجزت الأفكار عن إدراك صفته، الذي ابتدع العالمين بإرادته، ثم سيرهم على مشيئته، وبعثهم على محبته.
اللهم صل على محمد أمين وحيك وخير خلقك وأفضل بريتك ورائد الخير ومفتاح البركة وخاتم أنبيائك ورسلك.
اللهم صل على آل محمد وعترته الأطهار، وأولهم منك بأفضل صلواتك وبركاتك، وارحمهم رحمة أوسع وأجمع، رحمة لا نهاية لأمدها ولا انقطاع لعددها. آمين رب العالمين.
وبعد، فإن هناك علوما ومعارف يختص بها أولياء الله، وأولئك هم الذين يدعون الأنبياء، وآخر نبي جاء من الله تعالى لهداية الناس هو الرسول الأكرم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله).
وما بلغنا به من دروس وتعاليم، قسم منها ما حواه القرآن الكريم ويعرف
Bogga 5
ب " الكتاب " والقسم الآخر هو أفعاله وأقواله وتقريراته، ويعرف باسم " السنة "، ومن السنة ما كان من أفعاله صلى الله عليه وآله وسلم التي يدأب ويداوم عليها.
وهذا الكتاب - الذي نقدمه اليوم بين يدي هواة البحث والتحقيق - يحتوي على ذلك الشطر من الأخبار التي تتحدث، عن تلك الأفعال التي كان (صلى الله عليه وآله) يدأب عليها ويديم العمل بها، والتي تتحدث عن سيرة حياته وآدابه وسننه.
وفي هذه المقدمة نقدم أمورا توضح موضوع البحث في الكتاب، بصورة إجمالية وهي كما يلي:
أطلقت كلمة " الأدب " في اللغة والمحاورات على معان مختلفة كالتالي:
- الظرافة، واللطافة، والدقة في الأمور.
- جمع قوم على أمر، والاقتداء والتبعية للغير.
- العلوم والمعارف، والسيرة المحمودة، والأخلاق الحسنة.
- قوة تقي صاحبها عن اقتراف السيئات.
ويطلق " الأدب " أيضا على بعض مقدمات العلوم: كعلم اللغة والصرف والنحو والاشتقاق والمعاني والبيان والبديع والعروض والقافية، ونحوها.
ويطلق على الأخلاق الفاضلة وصفاء الروح وكمال النفس أيضا.
أما " الأديب " فيطلق على المعلم والكاتب والخطيب، وهكذا على كل من له إلمام بالشعر واللغة وضرب الأمثال والأقوال المأثورة والكلام الجميل.
وأما " السنة " فقد وردت في اللغة والمحاورات بمعان كثيرة منها: الرشد والنماء، والبيان والوضوح، وحسن مشية الفرس، والسواك، والبكاء، والسيلان.
و " سنة الله " يعني الأمر والنهي الإلهي، وكذلك قضاؤه وقدره، وعذابه وعقابه.
وقد تضمنت مادة " السنة " أيضا معاني: السيرة، والطبيعة، والفطرة، والشريعة، واتخاذ طريقة خاصة، وتبعية الأهواء والآراء...
هذه هي المعاني التي استعملت فيها مادتا " الأدب " و " السنة ".
إلا أن ما يناسب منها موضوع البحث هنا هو أن يقال: كل عمل مقبول لدى
Bogga 6
العقل والشرع إذا اتي به على أفضل الوجوه وأحسنها وأجملها، هذا هو الأدب، والإنسان ذو الأدب هو من تقع أفعاله وحركاته على أجمل الوجوه وألطفها. أما الصفات التي تتعلق بصفاء الروح وكمال النفس وباطن الإنسان - كالسخاء، والشجاعة، والعدالة، والعفو، والرحم، وسائر الصفات الإنسانية - فإنما هي " الأخلاق ".
وبعبارة أخرى: الأدب من صفات ما يصدر من الإنسان من فعل في الواقع الخارجي، بينما " الأخلاق " من صفات النفس الباطنة، وهذان المعنيان مع ذلك متلازمان.
وعلى هذا فلا يصح إطلاق " الآداب " على الأفعال غير المحمودة في العقل والدين مثل: الظلم، والخيانة، والكذب، والبخل، والحسد، ونحوها، وكذلك ما خرج عن اختيار الإنسان من الأفعال.
و " السنة " كذلك من صفات فعل الإنسان، مع ملاحظة أن " السنة " أعم في المعنى من " الأدب " أي تطلق السنة على السنن الصالحة والطالحة، بينما ليس " الأدب " إلا الجميل من الفعال، فالأدب ممدوح عند الخاص والعام.
وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " حسن الأدب زينة العقل " (1).
ويقول الإمام علي (عليه السلام): " الآداب حلل مجددة " (2).
وقال الإمام المجتبى الحسن بن علي (عليهما السلام): " لا أدب لمن لا عقل له " (3).
والأحاديث في الثناء على الأدب كثيرة.
كان الإنسان - حسب معلوماته وعقائده الخاصة وكذلك الأفكار والعواطف المحيطة به - متقيدا طبعا بسلسلة من الآداب والسنن، يبدأ معها حياته وبها يختم.
كما أن الآداب والسنن تمثل روحيات ومعنويات المجتمع البشري، وفي آداب الأمم وسننها تتجلى ما لها من تصورات وأفكار وعقائد، وبآدابها وسننها
Bogga 7
يقوم ما كان لها من نمو وسمو وتقدم واطراد، أو تأخر وانحطاط، فكذلك المعرف الوحيد للفرد آدابه وسننه الشخصية التي تحكي عن أفكاره وتصوراته.
ويتلخص ما بدا إلى اليوم من الآداب والسنن بين المجتمعات البشرية في أربعة أقسام:
1 - الآداب والسنن الخرافية.
2 - الآداب والسنن العامية.
3 - آداب وسنن العلماء وذوي البصائر.
4 - آداب وسنن الأنبياء والمرسلين، والأئمة المعصومين (عليهم السلام).
وليس بإمكاننا أن نعين زمنا معينا أو مكانا معينا لبدء ظهور السنن الخرافية والعامية، بينما بإمكاننا أن نقول بلا تردد: أنه قد ظهر بين الموحدين سلسلة من الآداب والسنن من لدن آدم (عليه السلام) حتى اليوم تتفاوت مع سائر السنن البشرية، وأن هذا النوع من السنن والآداب يفوق نطاق العقل ومحيط الفكر البشري، فإنه ليس بإمكان الإنسان أن يدركها بعقله وشعوره، بل هي خارجة عن نطاق فهم البشر، وإنما يتلقاها عدد من صفوة الناس يسمون " الأنبياء " إلهاما ووحيا من بدء الخلق، ويبلغونها إلى الناس أجمعين. وإن نظام هذا النوع من الآداب والسنن إنما هو نظام إلهي يضمن سعادة الإنسان في دنياه وآخرته في جسمه وروحه.
وقد نسب الله تعالى في القرآن الكريم هداية الأنبياء إلى نفسه، وأمضى وصدق كيفية عشرتهم مع الناس وآدابهم وسننهم.
ففي سورة الأنعام بعد أن أثنى على إبراهيم (عليه السلام) ذكر سائر الأنبياء من نسله وكذلك نوحا والأنبياء من ذريته فقال: " ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين * وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين * وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين * ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم * ذلك
Bogga 8
هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون * أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين * أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجرا ان هو إلا ذكرى للعالمين " (1).
ويقول - عز من قائل - في سورة الممتحنة: " قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه " (2) وقد نقل عن مجمع البيان: أن المراد من * (الذين معه) * هم سائر الأنبياء.
ويقول تعالى في سورة آل عمران: " ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين " (3) إلى غيرها من الآيات...
وروى الطبرسي (رحمه الله) في " مكارم الأخلاق " والشريف الرضي في " نهج البلاغة " عن علي (عليه السلام) أنه قال في خطبة له: ولقد كان في رسول الله (صلى الله عليه وآله) كاف لك في الأسوة، ودليل لك على ذم الدنيا وعيبها وكثرة مخازيها ومساويها، إذ قبضت عنه أطرافها، ووطئت لغيره أكنافها، وفطم عن رضاعها وزوي عن زخارفها.
وإن شئت ثنيت بموسى كليم الله حيث يقول: " رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير " (4) والله ما سأله إلا خبزا يأكله، لأنه كان يأكل بقلة الأرض، ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه، لهزاله وتشذب لحمه.
وإن شئت ثلثت بداود صاحب المزامير وقارئ أهل الجنة، فلقد كان يعمل سفائف الخوص بيده، ويقول لجلسائه، أيكم يكفيني بيعها؟ ويأكل قرص الشعير من ثمنها.
وإن شئت قلت في عيسى بن مريم (عليهما السلام ): فلقد كان يتوسد الحجر ويلبس الخشن ويأكل الجشب، وكان إدامه الجوع، وسراجه بالليل القمر، وظلاله في
Bogga 9
الشتاء مشارق الأرض ومغاربها، وفاكهته وريحانه ما تنبت الأرض للبهائم. ولم تكن له زوجة تفتنه، ولا ولد يحزنه، ولا مال يلفته، ولا طمع يذله، دابته رجلاه، وخادمه يداه (1).
ونقل الديلمي في كتابه " إرشاد القلوب " عنه (عليه السلام) أيضا بشأن التأسي بحياة الأنبياء (عليهم السلام) أنه قال:
وأما نوح (عليه السلام) مع كونه شيخ المرسلين وعمر في الدنيا مديدا ففي بعض الروايات: أنه عاش ألفي عام وخمسمائة عام، ومضى من الدنيا ولم يكن بنى فيها بيتا، وكان إذا أصبح يقول: لا أمسي، وإذا أمسى يقول: لا أصبح.
وكذلك نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) فإنه خرج من الدنيا ولم يضع لبنة على لبنة، ورأي رجلا يبني بيتا بجص وآجر فقال: الأمر أعجل من هذا.
وأما إبراهيم (عليه السلام) أبو الأنبياء فقد كان لباسه الصوف وأكله الشعير.
وأما يحيى بن زكريا (عليهما السلام) فكان لباسه الليف وأكله ورق الشجر.
وأما سليمان (عليه السلام) فقد كان - مع ما هو فيه من الملك - يلبس الشعر، وإذا جاء الليل شد يديه إلى عنقه، فلا يزال قائما حتى يصبح باكيا، وكان قوته من سفائف الخوص يعملها بيده، وإنما سأل الله الملك لأجل القوة والغلبة على ملوك الكفار ليقهرهم بذلك، وقيل: سأل الله القناعة (2).
والخلاصة: أن الأحاديث بهذا الشأن كثيرة، وقد ورد في حديث مستفيض:
" إن أحسن السنن سنة الأنبياء " (3) ولا سيما سنة رسول الله خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله)، فإن سيرة حياته آخر برنامج صحيح لحياة الإنسان فتحه الله على عباده. وقد جاء في الحديث أيضا: " خير السنن سنة محمد (صلى الله عليه وآله) " (4).
وقد أثنى القرآن الكريم في موارد عديدة على أخلاقه وسلوكه ومعاشرته
Bogga 10
للناس وسيرة حياته فقد جاء في سورة آل عمران: " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " (1).
ووصفه في سورة القلم بالخلق العظيم بصراحة الآية الشريفة " إنك لعلى خلق عظيم " (2).
ثم أمر في سورة الأحزاب أن يتخذ الناس سيرته في حياته أسوة وقدوة فقال: " ولكم في رسول الله أسوة حسنة " (3).
ويقول في سورة آل عمران: * (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم) * (4).
ويقول أيضا: " يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم " (5).
وروى الشيخ المفيد في أماليه في رواية عن الإمام الباقر (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقول عند وفاته: لا نبي بعدي ولا سنة بعد سنتي (6).
وروي في جامع الأخبار عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه كان يقول: أكرموا أولادي، وحسنوا آدابي (7).
وروي في حديث مشهور مستفيض عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: أدبني ربي فأحسن تأديبي (8).
وروى ابن شعبة الحراني في " تحف العقول " في حديث عن علي (عليه السلام) أنه قال: فاقتدوا بهدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإنه أفضل الهدي، واستنوا بسنته فإنها أشرف السنن (9).
Bogga 11
وقد جاء في الخطبة التي مضى بعضها عن علي (عليه السلام) أنه يقول: فتأس بنبيك الأطيب الأطهر (صلى الله عليه وآله)، فإن فيه أسوة لمن تأسى، وعزاء لمن تعزى. وأحب العباد إلى الله المتأسي بنبيه والمقتص لأثره. قضم الدنيا قضما ولم يعرها طرفا، أهضم أهل الدنيا كشحا، وأخمصهم من الدنيا بطنا، عرضت عليه الدنيا فأبي أن يقبلها، وعلم أن الله سبحانه أبغض شيئا فأبغضه، وحقر شيئا فحقره، وصغر شيئا فصغره.
ولو لم يكن فينا إلا حبنا ما أبغض الله ورسوله، وتعظيمنا ما صغر الله ورسوله، لكفى به شقاقا لله ومحادة عن أمر الله. ولقد كان (صلى الله عليه وآله) يأكل على الأرض، ويجلس جلسة العبد، ويخصف بيده نعله، ويرقع بيده ثوبه، ويركب الحمار العاري، ويردف خلفه. ويكون الستر على باب بيته فتكون فيه التصاوير فيقول: " يا فلانة - لإحدى أزواجه - غيبيه عني فإني إذا نظرت إليه ذكرت الدنيا وزخارفها ". فأعرض عن الدنيا بقلبه، وأمات ذكرها من نفسه، وأحب أن تغيب زينتها عن عينه، لكي لا يتخذ منها رياشا، ولا يعتقدها قرارا، ولا يرجو فيها مقاما، فأخرجها من النفس، وأشخصها عن القلب، وغيبها عن البصر، وكذلك من أبغض شيئا أبغض أن ينظر إليه وأن يذكر عنده.
ولقد كان في رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما يدلك على مساوئ الدنيا وعيوبها، إذ جاع فيها مع خاصته، وزويت عنه زخارفها مع عظيم زلفته. فلينظر ناظر بعقله، أكرم الله محمدا بذلك أم أهانه؟! فإن قال: أهانه فقد كذب - والله العظيم - بالإفك العظيم، وإن قال: أكرمه فليعلم أن الله قد أهان غيره حيث بسط الدنيا له، وزواها عن أقرب الناس منه. فتأسى متأس بنبيه واقتص أثره، وولج مولجه، وإلا فلا يأمن الهلكة، فإن الله جعل محمدا (صلى الله عليه وآله) علما للساعة، ومبشرا بالجنة، ومنذرا بالعقوبة، خرج من الدنيا خميصا، وورد الآخرة سليما، لم يضع حجرا على حجر حتى مضى لسبيله وأجاب داعي ربه. فما أعظم منة الله عندنا حين أنعم علينا به سلفا نتبعه وقائدا نطأ عقبه! والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها، ولقد قال لي قائل: ألا تنبذها عنك؟! فقلت: اغرب عني، فعند الصباح يحمد القوم
Bogga 12
السرى (1).
وروي في " مكارم الأخلاق " عن الصادق (عليه السلام): إني لأكره للرجل أن يموت وقد بقيت عليه خلة من خلال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يأت بها (2).
والأخبار في هذا المقام كثيرة.
وبهذا الصدد علينا أن نلتفت إلى نقطة مهمة وهي: أن السنة في موضوع بحث هذا الكتاب تتفاوت معنى مع المصطلح بين المؤرخين وأهل السيرة والحديث وكذلك الفقهاء، فإن السنة في مصطلح المؤرخين وكتاب السيرة عبارة عن تاريخ حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ميلاده إلى غزواته، وتاريخ حياة أولاده وعشيرته وأصحابه، ونحو ذلك.
وفي اصطلاح المحدثين هي عبارة عن أقوال وأفعال وتقارير المعصوم (عليه السلام)، وهو عند العامة رسول الله فقط، وعند شيعة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) هو بإضافتهم إليه.
وفي اصطلاح الفقهاء هي عبارة عن عمل مستحب في مقابل الأحكام الأربعة الأخرى: الواجب والحرام والمكروه والمباح.
والسنة في الأحاديث أطلقت على جميع الأوامر والأحكام التي قالها وعمل بها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كعدد ركعات الصلوات اليومية والقراءة والتشهد والسلام فيها، وكيفية الحج والتمتع فيه، ونكاح النساء والتمتع بهن وطلاقهن، فعلى جميع هذه الأوامر والأحكام تطلق السنة في الأخبار والأحاديث.
بينما السنة في مصطلح هذا الكتاب - كما اتضح مما مر - أخص من جميع هذه المعاني، فهي عبارة عن الأعمال المستحبة التي كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يدأب ويداوم عليها في سيرته في حياته.
لا يخفى على أهل العلم والبصيرة كثرة سنن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وآدابه، وأنها متفرقة بين مئات الكتب ضمن آلاف الأحاديث، وقد نقل كل من المحدثين شطرا منها حسب مناسبة أبواب كتبهم. وحسب اطلاعي قلما نجد كتابا بين مؤلفات
Bogga 13
الفريقين - الشيعة والسنة - كتابا جامعا لجميع روايات سننه وآدابه، بل لم يقدم أحد منهم حتى اليوم على تأليف كتاب هكذا، بهذه الخصوصيات. ومن الواضح المعلوم: أن جمع هذه الأخبار التي تتعلق بسنن وآداب رسول الله (صلى الله عليه وآله) لهو خدمة مهمة للحفاظ على روح الإسلام المعنوية، وحيث إن كتابا هكذا يصير مصدرا جامعا للاطلاع على سيرة حياة رجل من أكمل الرجال يكون في غاية الأهمية.
والشخصية الوحيدة التي فكرت في عصرنا هذا في هذا الموضوع هي شخصية العلامة المؤلف لأصل هذا الكتاب، فإنه جمع الروايات التي تتضمن سيرته العملية وتنطق عن آدابه وسننه (صلى الله عليه وآله) في كتاب سماه " سنن النبي " وبهذا فتح السبيل إلى السيرة الصحيحة في الحياة على من يريد ذلك، ومن الإنصاف أن نقول: إن هذا الكتاب قد ملأ فراغا في الثقافة الاسلامية في عصرنا الحاضر، ولنا أن نقول بصراحة: إنه كتاب قل نظيره في موضوعه، بل هو عمل علمي وحديثي مبتكر، صدر اقتراحا من المؤلف الكريم.
إن هذا الكتاب القيم كتبه مؤلفه العلامة قبل أربعين سنة في حدود الخمسينات من الهجرة " 1350 ه " أي حينما كان مشتغلا بطلب العلوم الدينية في النجف الأشرف، إلى جانب مؤلفاته الأخرى حتى كان في أواخر شهر شعبان المعظم من سنة 1391 ه أن توفقت للتشرف بزيارته في مدينة قم المقدسة، فعرضت عليه لو يفوض ترجمة هذا الكتاب " سنن النبي " باللغة الفارسية إلى كاتب هذه الحروف، وقبل السيد العلامة هذا العرض والاقتراح وأذن لي في إنجاح هذا المأمول بخطه الشريف.
[سطور في حياة العلامة الطباطبائي] وفي خلال المدة التي كنت فيها مشتغلا بترجمة الروايات وتطبيقها على المصادر صادفت روايات أخرى في موضوع " السنن " قد فاتت المؤلف الكريم، فجمعتها في كراس مستقل، وتوقفت مرة أخرى للتشرف بزيارته في مشهد الرضا (عليه السلام)، فقدمت هذا الشطر من الروايات إلى حضرة الأستاذ العلامة، وبعد ملاحظتها أمرني بضم هذا القسم إلى أصل الكتاب تحت عنوان " الملحقات ".
Bogga 14
فامتثالا لأمره ضممت بعد ذكر كل باب من الأصل إليه بابا آخر بترتيب الأصل، إلا أني جعلت ملحقات باب " شمائل الرسول " في آخر الكتاب، وأضفت إلى الأصل بابين آخرين، هما: باب الحج وباب النوادر.
والجدير بالذكر أن مصادر هذا الكتاب إنما هي من مؤلفات علماء مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ولم ينقل فيه عن كتب العامة سوى عدة أحاديث من " إحياء العلوم " للغزالي و " الدر المنثور " للسيوطي.
وينقسم هذا الكتاب بصورة عامة إلى ثلاثة أقسام من برامج حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، هي:
1 - سننه وآدابه مع ربه، أي آداب عباداته وأدعيته وأذكاره.
2 - سننه وآدابه مع مختلف طبقات الناس، أي آداب العشرة.
3 - سائر سننه وآدابه، كآدابه في أسفاره، وتناوله للطعام، وملابسه، ونحو ذلك، مما نسميه بالآداب الفردية والشخصية.
وندعو الله رب العالمين أن يمن علينا جميعا بتوفيق العمل والاستنان بسنته وآدابه.
اللهم اجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك على نبيك محمد (صلى الله عليه وآله) وافسح له مفسحا في ظلك، واجزه مضاعفات الخير من فضلك، وأتمم له نوره، واعل بناءه، واجمع بيننا وبينه في برد العيش وقرار النعمة وتحف الكرامة. اللهم أعنا على الاستنان بسنته ونيل الشفاعة لديه ، آمين رب العالمين.
وإليك سطورا من تاريخ حياة العلامة المؤلف:
إن شخصية العلامة المؤلف في غنى عن التعريف، فإنه معروف ليس في حوزة
Bogga 15
العلوم الدينية والروحانية في إيران فقط، بل حتى في خارج ثغور البلاد الإسلامية، وقد تعرف عليه من كان له أن يتعرف على ما له من المقام العلمي والروحاني، ولا حاجة أن نكون في ذلك كناقل التمر إلى هجر والكمونة إلى كرمان. ولكن من الممكن أن يكون هناك من سيتعرف على آثار المؤلف ومستواه العلمي لأول مرة عن طريق هذا الكتاب، ولهذا فمن المناسب أن نشير بصورة إجمالية إلى الآثار العلمية للأستاذ الكريم وحياته فيما يلي:
فتح العلامة الجليل السيد محمد حسين الطباطبائي عينه على هذه الحياة الدنيا في إحدى الأسر العلمية الكبرى في مدينة تبريز في 29 من شهر ذي الحجة الحرام عام 1321 ه ق الموافق لعام 1282 ه ش، وبعد دراسته لمقدمات العلوم في مسقط رأسه وفي سنة 1344 ه ق عزم على الرحيل إلى حوزة النجف الأشرف في العراق للاستمرار في تحصيل العلوم الإسلامية.
واستمر في تكامله العلمي مدة عشر سنين في جوار جده أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ودرس الفقه والأصول والتفسير والفلسفة والرياضيات والأخلاق لدى أساتذة كبار كالسيد أبي الحسن الاصفهاني، والمرحوم النائيني، والمحقق الاصفهاني " الكمپاني "، والسيد حسين البادكوبي، والسيد أبي القاسم الخوانساري، والمرحوم الحاج ميرزا علي آقا القاضي، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين. وفي سنة 1354 ه ق رجع السيد المؤلف إلى إيران وأقام في تبريز، واشتغل فيها بالتدريس والتأليف عشر سنين، وكتب في هذه المدة عدة من الكتب مثل " الرسائل السبع " و " رسالة الولاية " وقسما مهما من تفسيره الكبير " الميزان ".
وبعد عشر سنين من الإقامة في تبريز رحل في سنة 1365 ه ق وعلى أثر الحوادث السياسية في الحرب العالمية الثانية إلى مدينة قم المقدسة فأقام فيها، وبدأ فيها بالتدريس، ولا زال العلماء والفضلاء في حوزة قم المقدسة يفيدون من
Bogga 16
محضره الشريف (1).
اهتمامه بالفلسفة والتفسير والأخلاق:
أحس العلامة الطباطبائي في بداية مجيئه إلى مدينة قم المقدسة حسن سير الدراسة في عمدة أقسام الدراسة في هذه الحوزة، سوى شئ من الغفلة في قسم دراسات العلوم العقلية والفلسفة والتفسير، وكأنه لم يحسب لهذين القسمين المهمين في البرامج الدراسية للحوزة العلمية أي حساب، ولذلك فقد وجه اهتمامه في حوزته الدراسية إلى هذه النقطة، ولا يطول الانتظار كثيرا حتى تربى على يديه عدد من ذوي القابليات والكفاءات البارزين في الفلسفة والتفسير، وهكذا تجلى السيد الأستاذ العلامة في الحوزة العلمية في قم المقدسة، ورفع ما كان يشاهد فيها من نقص علمي في الفلسفة والتفسير.
ومن ناحية أخرى، فقد كان السيد الأستاذ العلامة ذا اهتمام بالغ بالأمور الأخلاقية وتزكية النفوس، ولذلك فقد اهتم كثيرا بتربية الطلاب، حتى بلغ بعض ذوي الكفاءات منهم في الأمور الأخلاقية والروحانية والمعنوية، وتحت برامجه التربوية، إلى درجات عالية معنوية وروحانية سامية. وكأنه نفخ بهذه الروح المعنوية نفخة حياة جديدة في الحوزة العلمية بقم المقدسة.
آثاره العلمية:
وأما الآثار العلمية للسيد المؤلف فهي - بالإضافة إلى مقالاته الكثيرة في مجلات " آستان قدس " و " راهنماى كتاب " و " مكتب اسلام " و " مكتب تشيع " - كما يلي:
1 - تفسير " الميزان " دورة تفسيرية كاملة في عشرين مجلدا، تم المجلد الأخير منه في عام 1392 ه ق بيد المؤلف.
2 - أصول الفلسفة الواقعية (روش رئاليسم).
Bogga 17
3 - حاشية على مكاسب الشيخ الأنصاري.
4 - حاشية على كفاية الأصول للآخوند الخراساني.
5 - حاشية على الأسفار للمولى صدرا الشيرازي.
6 - الوحي أو الشعور المرموز، في موضوع النبوة العامة.
7 - الرسائل السبع في أصول المعارف، كتاب عميق متين جمع فيه بين الكتاب والسنة والعقل.
8 - مفاوضات مع الدكتور كاربون الألماني.
9 - رسالة في الحكومة الإسلامية.
10 - رسالة في المسألة الفلسفية: القوة والفعل.
11 - رسالة في الولاية، جمع فيها أيضا بين أدلة الكتاب والسنة والعقل.
12 - رسالة في المغالطة.
13 - رسالة في المشتقات.
14 - رسالة في البرهان.
15 - رسالة في التحليل.
16 - رسالة في التركيب.
17 - رسالة في الاعتبارات.
[ترجمة مختصرة لحياة بعض المحدثين] 18 - رسالة في النبوة ومقاماتها.
19 - رسالة في خط نستعليق.
20 - علي والفلسفة الإلهية.
21 - القرآن في الإسلام.
22 - الشيعة في الإسلام.
23 - رسالة في أنساب " آل عبد الوهاب " كتب فيها سلسلة أنساب أسرته الجليلة وتراجم المشاهير منهم.
24 - رسالة في سنن النبي (صلى الله عليه وآله). وهو هذا الكتاب، وقد أتعب المؤلف الكريم
Bogga 18
نفسه في تنظيم مواضيع هذا الكتاب، فقد تصفح أكثر من ستين كتابا في الحديث لأكثر من أربعين رجلا من علماء الإسلام، وجمع روايات هذا الكتاب من بين آلاف الأحاديث بهذه الصورة الجميلة. فجزاه الله عن الإسلام خير الجزاء وآجره مضاعفات الخيرات من فضله، وأتم له نوره، وحشره مع جده رسول الله (صلى الله عليه وآله).
* * * ومن المناسب ذكر موجز من تراجم المحدثين والمصنفين من علماء الإسلام، وتسمية كتبهم التي وقعت في سلسلة مصادر هذا الكتاب (سنن النبي (صلى الله عليه وآله)) بترتيب حروف الهجاء.
ترجمة مختصرة لحياة بعض المحدثين 1 - ابن أبي جمهور الأحسائي محمد بن علي بن إبراهيم، ولد في الأحساء، وكان معاصرا للمحقق الكركي المتوفى سنة 940 ه، ومن كتبه: " غوالي اللئالي " و " در اللئالي ".
2 - ابن شعبة الحراني الحسن بن علي بن شعبة، شيخ جليل القدر معاصر للشيخ الصدوق المتوفى سنة 381 ه. من كتبه: " تحف العقول " ونسب إليه بعض الأكابر كتاب " التمحيص " ويرى المجلسي أنه لمحمد بن همام وليس لابن شعبة.
3 - ابن شهرآشوب المازندراني محمد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني شيخ جليل من أجلاء
Bogga 19
علمائنا، أثنى عليه الكثير من علماء الرجال، قيل: إنه كان على طهارة دائما عمر مائة سنة وتوفي في ليلة الجمعة 22 شهر شعبان المعظم عام 588 ه ودفن خارج مدينة حلب في الشام في جبل جوشن قرب قبر محسن السقط المنسوب إلى الإمام الحسين (عليه السلام). ومن كتبه: " مناقب آل أبي طالب ".
4 - ابن طاووس رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي عبد الله محمد بن طاووس. ينتهي نسبه من أبيه إلى الحسن المثنى، ومن طرف الام إلى الشيخ ورام بن فراس. ولد في الحلة المزيدية الأسدية منتصف شهر محرم الحرام عام 589 ه ق وتوفي في سنة 668 ه ق. من مؤلفاته:
" الإقبال في الأدعية والأعمال " و " الأمان من الأخطار في الأسفار " و " فلاح السائل " و " مصباح الزائر " و " مهج الدعوات ".
5 - ابن فهد الحلي الشيخ أبو القاسم أحمد بن محمد بن فهد الحلي الأسدي، كان من علماء الحلة وأقام في كربلاء المقدسة، ولد عام 757 ه وتوفي في 841 ه ودفن في كربلاء المقدسة قرب المخيم. من كتبه: " عدة الداعي " و " التحصين ".
6 - ابن قولويه القمي أبو القاسم جعفر بن محمد بن جعفر بن موسى بن قولويه القمي، شيخ جليل من أجلة علماء الشيعة، وهو من مشايخ الشيخ المفيد، اختلف في تاريخ وفاته بين سنتي 367 و 368 ه، ودفن في البقعة المطهرة الكاظمية تحت رجلي الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام). من كتبه: " كامل الزيارات ".
Bogga 20