Sun Yat-sen Aabbaha Shiinaha
سن ياتسن أبو الصين
Noocyada
وحجة الحكومة الصينية أن الزورق وطني وأنه لم يكن يرفع الراية البريطانية ساعة تفتيشه وحجزه، فاشتركت إنجلترا وفرنسا في إنذار الصين وطالبتا بالمزيد من الحقوق والامتيازات، ومنها إقامة السفراء بالعاصمة واحتلال الأماكن التي تختارها الدولتان على الشاطئ، وهجم الأسطول البريطاني والأسطول الفرنسي معا على كانتون وتقدما بعد احتلال موانئها إلى تينتسن، وأملى القائدان على الحكومة الصينية شروط المعاهدة التي سميت باسم تينتسن، وذهب المندوبون المفوضون إلى بكين لتوقيعها وضموا إليهم مندوبين من روسيا والولايات المتحدة، فثارت ثائرة الشعب والموظفين عليهم في الطريق واعتقلوهم رهائن بالعاصمة، واشتعلت النار في بعض الأماكن الأجنبية خلال الصدام بين الجماهير المتظاهرة وجنود الدول، فأرسل القناصل في طلب المدد وتقدمت الجيوش الدولية بعد وصول المدد البحري والبري إلى بكين، فلاذت الأسرة المالكة بالفرار وأمر القواد بتدمير القصر الإمبراطوري المعروف بقصر الصيف.
وكانت فعلة وحشية ضاع من جرائها كثير من التحف والذخائر التي يعد ضياعها خسارة على الإنسانية، ولم يرجعوا حتى أرغموا الحكومة المنهزمة على توقيع معاهدة جديدة والتسليم بامتيازات دولية أخرى غير الامتيازات السابقة، ومنها الترخيص لمن شاء من الأجانب أن يتنقل داخل البلاد تحت حماية دولته، وتبادل السفراء، وفتح ثمانية موانئ لإنجلترا وستة لفرنسا، ونقص الرسوم الجمركية وتأجير شبه جزيرة كولون لإنجلترا، عدا الغرامات الثقيلة والتعويضات المجحفة التي أكرهت الحكومة الصينية على أدائها أقساطا مقدرة يشرف المندوبون الأجانب على طريقة سدادها.
وزاد الطين بلة أن الروس طالبوا لأنفسهم بحصة من الغنائم؛ لأنهم توسطوا في الصلح وتعديل شروط الاتفاق، فاستولوا على الأقاليم التي تقع إلى شمال نهر التنين الأسود وشرق نهر أسوري ، مقابلة للغنائم التجارية التي لم يسهموا فيها.
وأنشئت مصلحة الجمارك على تنظيم جديد فطالبت كل من إنجلترا وفرنسا بخمس الرسوم خالصا بغير كلفة، وتركتا ثلاثة أخماس الرسوم للحكومة الوطنية مع تكاليف الإدارة والحراسة.
واستمرت المطالبة بالامتيازات الجديدة على أثر كل احتكاك بين الأجانب والوطنيين، وما أكثر أسباب الاحتكاك في هذه الأحوال، بين أجانب متغطرسين يغالون في إذلال الوطنيين اعتمادا على حماية قناصلهم، وبين وطنيين يشعرون بالغربة والهوان في ديارهم، وقلما كانت تنقضي أيام دون حادث يسميه الأجانب حادث اعتداء وتعصب ويسميه الوطنيون حادث دفاع وكرامة، ثم تكاثرت هذه الحوادث بعد تغلغل المبشرين والمرسلين في الأقاليم الداخلية، ومنهم من يقضي الإنصاف بالاعتراف لهم بالفضل في محاربتهم الصادقة لآفة الأفيون، ومنهم من يقضي الإنصاف أيضا بملامتهم على حماية الأشرار وطرداء القانون ممن يتهمهم الوطنيون بالمروق وخدمة السياسة الأجنبية، فقد كان المجرم من هؤلاء يعرف مصيره إذا حوسب على جريمته أمام قضاء بلاده فيظهر التحول إلى المسيحية ويكسب بذلك حق اللياذ بالمعاهد الأجنبية، فلا تمتد إليه يد القضاء في ذلك الملاذ.
وتفاقمت أضرار المعاهدات الجائرة فلم تنحصر في الهوان وسلب السيادة، بل سرت هذه الأضرار إلى ضرورات المعيشة بين الأغنياء والفقراء على السواء؛ لأن الدولة احتاجت إلى مضاعفة الضرائب لسداد الغرامات والتعويضات مع قلة مواردها الجمركية بعد اقتطاع الخمسين منها لإنجلترا وفرنسا، ولأن البضائع الأجنبية تدفقت على أسواق الصين عند الشاطئ وفي الأقاليم القاصية، تباع فيها بالسعر الرخيص لقلة الرسوم التي تؤديها، وتفضل على المصنوعات الوطنية لجودتها وسهولة الحصول عليها، فبارت المصنوعات اليدوية وتعطلت المعامل التي اجتهد أصحابها في إنشائها لمجاراة المعامل الحديثة، وحل الوسيط الأجنبي محل الوسيط الوطني في معاملات التجارة الكبرى، وأطبقت هذه المصائب الاقتصادية على الأمة بعد مصائبها السياسية المتلاحقة فتراءت لها أشباح الخراب في كل مكان.
وتدرجت الدول من امتيازات الموانئ إلى امتيازات المواصلات، فتسابقت إنجلترا وروسيا وفرنسا وألمانيا على انتزاع الامتيازات بمد السكك الحديدية وتحصيل مواردها ضمانا للقروض اللازمة لمدها، وسهلت دعوى الحملات التأديبية وانتزاع البلاد عقوبة للحكومة الوطنية، فاستولت فرنسا على أقاليم من الجنوب، واستولت اليابان على أقاليم من الشمال واستولت أمريكا على الفيلبين، وصارت الدولة الصينية مقصورة على تلقي الضربات والتسليم بضياع حق بعد حق، واحتمال خسارة بعد خسارة.
ولقد كانت هذه الضربات المتعاقبة تحز في نفوس الأذكياء والعارفين من أهل الصين، ولكن ضربة منها لم تبلغ من الإيلام والإزعاج ما بلغته هزيمة الصين أمام اليابان سنة 1895.
فإن الصينيين عاشوا ألوف السنين وهم ينظرون إلى جيرانهم من الشرق نظرة الاحتقار والاستخفاف، فلما انهزمت دولتهم أمام أولئك «الأقزام» المحتقرين، وقيل لهم إنهم لم يتمكنوا من الظفر بجيوش ابن السماء إلا لأنهم تعلموا الصناعة الحديثة من الأساتذة الغربيين، أصبح احتقارهم المفرط للمنتصرين عليهم إعجابا مفرطا بالصناعة التي كانت سببا لهذا الانتصار. وهرعت جموع الطلبة إلى مدارس اليابان وأوروبة وأمريكا يتعلمون فيها سر هذه القوة التي يعنو لها جبين أكبر الأمم وأعرقها في الحضارة والحكمة والسلطان.
وتشعب أنصار النهضة الحديثة شعبتين: إحداهما تحاول الإصلاح بالأداة الحكومية وزعيمها «كانج يووي» وتلميذه «ليانج شي كاو» الذي قاد حركة الترجمة من الآداب الغربية.
Bog aan la aqoon