فقالت الابنة التي وضح لعيسى سواد عينيها وفخامة ملبسها: ولكن البيت قديم جدا ولا يصلح للسكنى.
فقال عيسى: طبيعي أن الذي يشتري بيتا كهذا لا يشتريه للسكنى ، ولكن للبناء كما قال الحاج حسنين، والأرض صقع، والبيع بأجر المثل، ويمكن حضرتك أن تسألي عنه بنفسك.
فقال الحاج حسين: هذا عن الحاضر، أما المستقبل فالحي كله مضمون، وما من حي في الدنيا مثله في موقعه أو ازدحامه بالسكان أو مواصلاته الكثيرة.
وسألت الابنة عيسى عن المساحة، بصوت حلقي مليء كوجهها ولكنه مثير في الوقت نفسه، وقد كون عنها فكرة أولية بأنها امرأة جديرة بالاحترام لفخامة مظهرها، وقد تشتهى أيضا لفترة ما، وأجاب: ألف متر مربع، ولعل الحاج أبلغكما بالثمن المطلوب.
فتساءلت العجوز: عشرة آلاف جنيه؟! أين تجد القادر على دفع هذا المبلغ؟
فأشار عيسى إليهما ضاحكا وهو يقول: هنا أجده.
وقال الحاج حسنين بتوكيد: فرصة لا تجود الدنيا بمثلها مرتين، والله شهيد.
ورفض عيسى أن يخفض الثمن قرشا واحدا، واستمرت المساومة طويلا ولكنها كانت تصطدم بإصراره، وفي أثناء ذلك تبادل عيسى والابنة نظرات غير تجارية، على سبيل الاستطلاع، فغلب على ظنه أنها غير متزوجة، وقال لنفسه: إنها غنية ومقبولة، أجل ليست من الطراز الذي يحبه، ولا السن التي تناسبه، ولكنها غنية وهادئة وعلى خلق فيما بدا له، ولم تكن إلا خواطر عابرة من وحي المجلس، ولكن خيل إليه أن العجوز تتابع خواطره.
وانتهت الجلسة بلا تراجع من ناحيته، ولا قبول من ناحيتها.
21
Bog aan la aqoon