Suldaan Maxamed Al-Faatix: Qaahirii Konstantiiniyah
السلطان محمد الفاتح: فاتح القسطنطينية
Noocyada
وجعل السلطان مهمة الأسطول تنحصر في منع وصول التموين الغذائي والحربي عن طريق البحر إلى المدينة، ومهاجمة السفن المسيحية التي تحرس السلسلة التي تغلق القرن الذهبي، ومحاولة اقتحام القرن الذهبي والقضاء على السفن الراسية فيه، والتعاون مع الجيش البري في حصار مدينة القسطنطينية. كان ذلك الأسطول مكونا من حوالي ثلاثمائة سفينة هي بطبيعة الحال أصغر بكثير وأقل قوة من سفن أعدائه وإن كانت أكثر منها عددا.
لقد هوجمت القسطنطينية من كل ناحية ما عدا ناحية القرن الذهبي فلقد كانت محمية بالسلسلة وبالأسطول الراسي في الميناء.
كانت أسوار القسطنطينية بالرغم من الخراب الذي لحق بعض أجزائها منيعة، استطاعت أن تدفع عنها الأعداء في كل العصور؛ فهذا السور العظيم الممتد من القرن الذهبي إلى بحر مرمرة من عجائب الدنيا حقيقة في ذلك الوقت، تعاهده الأباطرة في مختلف العصور بالإصلاح والترميم أمام مرور الزمن وجحافل الأعداء العديدين. وهو لا يزال إلى الآن مظهرا من مظاهر عظمة هذه المدينة الخالدة بأبراجه ومرتفعاته ومنخفضاته التي تنحني حسب الأودية والتلال مستندة إلى سماء زرقاء صافية، وفي كل زاوية من ذلك السور العظيم يقوم حصن قوي، ولكن ذلك السور كان في حالة سيئة نوعا، ويحتاج إلى إصلاح وترميم في الوقت الذي حوصرت فيه هذه المدينة. وكما تقول المصادر الإفرنجية المعاصرة لم يقم المهندسان اللذان كلفا بالإصلاح والتعمير بمهمتهما كما تقضي النزاهة والواجب، وأما السور الداخلي فظل على حالته من الخراب لم يرمم الترميم الكافي. لقد اعتمد سكان المدينة كلهم على السور الخارجي بحصونه وأبراجه القوية.
وأمام الجيش العثماني العظيم ومدفعيته الهائلة، وأمام ذلك الأسطول الكثير العدد وقف عند باب القديس رومانوس - أخطر نقطة في السور - ثمانية آلاف من المدافعين كما تقول المصادر الإفرنجية، ولكن يجب ألا ننسى أن عددا كبيرا من سكان المدينة قد جند للدفاع عنها أو لمساعدة الدفاع ونقل أدواته، بل وترميم الأجزاء التي تخربها المدافع.
ولا يجب أن ننسى أيضا أن هؤلاء المدافعين كانوا يدافعون من وراء أسوار مدينة أقل ما يقال فيها أنها من أمنع مدن العالم في ذلك الوقت، ولا ريب في أن حامية صغيرة منظمة مجهزة بوسائل الدفاع الحديث تستطيع القيام بمهمة الدفاع خير قيام، وتستطيع رد الغازين على أعقابهم خاسرين.
كانت أهم فرقة في المدافعين عن المدينة العظيمة فرقة الأجانب، وهي مكونة من ثلاثة آلاف مقاتل من الطراز الأول، وهي تتألف من جنويين وبنادقة وعناصر من كريد ورومة وإسبانيا وبعض المرتزقة من الأتراك أنفسهم. وهنا نسأل: هل جاء المدينة مدد حقيقي من الدولتين اللتين يهمهما مصير القسطنطينية: جمهوريتي البندقية وجنوة؟ لم تقدم الدولتان مساعدة حقيقية للمدينة في محنتها العظيمة. وهذا لا يمنع أن أفرادا من هاتين الجمهوريتين قد قبلوا عن طيب خاطر التطوع للدفاع عن هذه المدينة المسيحية الكبيرة، وبذل دمائهم في سبيلها. ربما كان دافع هؤلاء دينيا الحماس للكاثوليكية، وربما كان المصالح المادية والتجارية، وربما كان حب المغامرة ومقابلة المخاطر الجسيمة وركوب الصعب. وربما كان هذه الدوافع كلها مجتمعة.
بالرغم من ذلك وقفت مستعمرة غلطة الجنوبية، وجارة القسطنطينية من ناحية الشمال، وقفت موقف الحياد التام حرصا على رضا السلطان القوي، وتمسكت به، فلم تساعد أحدا من الفريقين، ولم تنصر أحدهما على الآخر.
ونندهش للمساعدة الضئيلة التي قدمها الغرب، فهل أصبح مصير قاعدة المسيحية في الشرق لا يهم الغرب؟ لم تكن مسألة اتحاد الكنيستين الشرقية والغربية محبوبة حبا جما. ولذا قاتل أفراد ذلك الفريق القليل المتطوع وحدهم بقوة وشجاعة وحماس إلى النهاية، إلى أن بذلوا دماءهم فداء للمدينة، ولكن ذكراهم لم تنس، ولم يندثر تاريخهم، فلقد أرخ لهم أحد زملائهم ومواطنيهم ممن قاتل وضحى معهم وهو باربرو، وبجانب هذا الفريق ألفان ممن عسكروا في السفن الراسية في القرن الذهبي والسفن التي كلفت بالدفاع عن الميناء.
لم تجد أوروبا العظيمة غير ثمانية آلاف من الجنود المدربين حقيقة لدفع أكبر خطر عرفه العالم على مدينتها العظمى بينهم عدد قليل لا يزيد عن الألف من الجنود المدرعين.
وعسكر الإمبراطور وحشد جنوده في ناحية وادي ليكوس، وهي المنطقة الضعيفة في الأسوار عند باب القديس رومانوس، وعقد المجالس الحربية لتنظيم أمور الدفاع عن المدينة، وعهد إلى جون جوستنياني الدفاع عن هذه الناحية، ولم يكن لدى المدافعين مدفعية قوية، وحتى مدافعهم الصغيرة لم يستطيعوا نصبها على الأسوار التي أصبحت في حالة رثة، فهي لا تحتمل المدافع ولا طلقاتها.
Bog aan la aqoon