فقال إبراهيم في تهكم: أمكما قوية كإنجلترا، أما أمي فرحمة الله عليها ..
وجاء كمال، كان يرتدي بذلة بيضاء أنيقة؛ أما وجهه فيتكون من الطاقم المألوف المركب من جبينه البارز وأنفه العظيم ونظارته الذهبية وشاربه المربع الغليظ، وكان يحمل بيده لفة كبيرة بشرت بهدية ممتازة، فقالت خديجة باسمة وهي تتفحص الهدية: حذار يا أخي، إذا لم تتدارك نفسك بالزواج فستظل تجيء بالهدايا دون أن يرد لك الجميل، الأسرة كلها اليوم موشكة على الزواج، هذا أحمد، وهناك رضوان وكريمة، تدارك نفسك بالتي هي أحسن!
وسأله أحمد: بدأت العطلة المدرسية يا خالي؟
فأجاب كمال وهو ينزع طربوشه ويرنو إلى العروس الجميلة: لم تبق إلا فترة يسيرة للمراقبة والتصحيح في الابتدائية!
وغابت نعيمة لتعود مرة أخرى بصينية فضية حافلة بشتى أنواع الحلوى، مختلفة الألوان والطعوم، فمضت فترة لم يسمع خلالها إلا التمطق والمصمصة. ثم راح إبراهيم يحكي ذكريات فرحه، الحفل ، والمغنى، والعالمة. وتابعته عائشة بوجه باسم وقلب محزون، وتابعه كمال بشغف إذ كان يعيد عليه صورا ما زال يذكر بعضها ويود لو يعرف ما فاته منها. قال إبراهيم ضاحكا: السيد أحمد كان كما هو اليوم أو أشد، ولكن أمي رحمها الله قالت بحزم: ليفعل السيد ما يشاء في بيته، أما عندنا فنحن نفرح كما نشاء، وقد كان. وجاء السيد يوم الفرح ومعه أصحابه مساهم الله بالخير جميعا، أذكر منهم السيد محمد عفت جد رضوان، فجلسوا جميعا في المنظرة بعيدا عن الزياط!
وقالت خديجة: أحيت الليلة جليلة أشهر عالمة في عصرها ..
وابتسم قلب كمال، وذكر البدرونة العجوز التي ما تزال تنوه بعهد أبيه! ..
وقال إبراهيم مسترقا النظر إلى عائشة: وكان لنا عالمة خصوصية لبيتنا، ولكن صوتها كان أجمل من العالمة المحترفة، كان يذكرنا بصوت منيرة المهدية في عزها!
فتورد وجه عائشة، وقالت بهدوء: سكت صوتها منذ عهد بعيد، حتى نسيت الغناء ..
فقال كمال: نعيمة تغني كذلك. ألم تسمعها؟
Bog aan la aqoon