فقال الباشا وهو يهز رأسه طربا: يا أهل الحسين مدد.
وضحكوا جميعا، حتى الخادم ابتسم وهو يغادر البهو، واستطرد الباشا متسائلا: ماذا تحب؟ وماذا تكره؟ تكلم بصراحة يا رضوان، دعني أيسر لك الجواب، أأنت مهتم بالسياسة؟
فقال حلمي عزت: كلانا في لجنة الطلبة. - هذا أول سبب للمقاربة بيننا، وهل لك في الأدب؟
فأجاب حلمي عزت: إنه مغرم بشوقي وحافظ والمنفلوطي ..
فنهره الباشا قائلا: اسكت أنت، أريد يا أخي أن أسمع صوته ..
فضحكوا، وقال رضوان باسما: إني أموت في شوقي وحافظ والمنفلوطي ..
فقال الباشا بإعجاب: «أموت في!» يا له من تعبير! لا تسمعه إلا في الجمالية. أهي نسبة إلى الجمال يا رضوان؟ إذن أنت من هواة «فضة ذهب» و«في الليل لما خلي» و«من يكن» و«فنن يشيله وفنن يحطه» الله .. الله! هذا سبب آخر للمقاربة بيننا يا جمالية، وهل تحب الغناء؟ - إنه من غواة ... - اسكت أنت ..
فضحكوا مرة أخرى، وقال رضوان: أم كلثوم. - جميل، لعلي من عشاق القديم، ولكن الغناء كله جميل، فأنا أحبه، ثقيله وخفيفه، كما يقول المعري، أو أموت فيه، كما تقول حضرتك، جميل جدا، الليلة عجب.
ودق جرس التليفون، فنهض الباشا إليه، ووضع السماعة على أذنه وهو يقول: آلو!
أهلا أهلا معالي الباشا. - ... - وما وجه العجب في ذلك! ألا يجلس إسماعيل صدقي نفسه اليوم في هيئة المفاوضات كزعيم من زعماء الوطن؟! - ... - أنا قلت رأيي للزعيم صراحة، وهو رأي ماهر والنقراشي أيضا. - ... - آسف يا باشا، لا أستطيع، أنا لا أنسى أن الملك فؤاد هو الذي عارض في ترقيتي يوما، والملك فؤاد آخر من يتكلم في الأخلاق، وعلى أي حال سأقابلك غدا في النادي، سلام عليكم يا باشا ..
Bog aan la aqoon