فقال وهو يداري ألمه بالهدوء: سيكون المرتب في الحدود المعروفة، أما الدخل فحوالي عشرة جنيهات ..
وساد الصمت. لعلها تزن الأمور وتفكر. هذا هو التفسير المادي للحب! كان يحلم بالجنون العذب ولكن أين منه هذا؟ هذا البلد عجيب يندفع في السياسة وراء العاطفة، ويتبع في الحب دقة المحاسبين. وأخيرا جاء الصوت الرقيق قائلا: لندع الدخل جانبا، فلا يجمل أن ترتب حياتك على أساس تقدير اختفاء الأعزة من حياتك .. - أردت أن أقول لك إن والدي من ذوي الأملاك ..
فقالت بجهد برر فترة التردد التي سبقته: فلنكن واقعيين .. - قلت إني سأجد عملا، وستجدين من ناحيتك عملا أيضا ..
فضحكت ضحكة غريبة: كلا لن أشتغل، لم أذهب إلى الجامعة لأتوظف كسائر الزميلات .. - ليس العمل عيبا .. - طبعا، ولكن والدي .. الواقع أننا جميعا متفقون على هذا، لن أشتغل.
وكان قد بردت عواطفه واستغرقه البحث، فقال: ليكن، أشتغل أنا ..
فقالت بصوت كأنما تعمدت أن يكون رقيقا فوق العادة: أستاذ أحمد، فلنؤجل الحديث، أعطني مهلة للتفكير.
فضحك ضحك فاترة، وقال: قلبنا الأمر على كافة وجوهه، ولكنك في حاجة إلى مهلة لتدبري الرفض؟
فقالت بصوت حيي: ينبغي أن أحادث والدي. - هذا بدهي، ولكن كان من الممكن أن ننتهي إلى رأي قبل ذلك! - مهلة ولو قصيرة .. - نحن في يونيو، وستسافرين إلى المصيف، ولن نلتقي إلا في أكتوبر القادم في الكلية؟
فقالت بإصرار: لا بد من مهلة للتفكير والتشاور. - إنك لا تريدين أن تتكلمي.
وإذا بها تتوقف عن المسير فجأة، وتقول في دأب وعزم معا: أستاذ أحمد، إنك تأبى إلا أن تحملني على الكلام، أرجو أن تتقبل كلامي بصدر سمح. لقد فكرت في موضوع الزواج من قبل كثيرا، لا بالقياس إليك ولكن بصفة عامة، وانتهيت منه - ووافقني على ذلك والدي - بأن حياتي لن تستقيم، وأنني لن أحافظ على مستواي، إلا إذا تهيأ لي ما لا يقل عن خمسين جنيها شهريا ..
Bog aan la aqoon