لا محالة فإنه لا يكون لهذا السبب مماريا. فأما الآن فالجدلى ليس هو نحو جنس ما محدود ولا مبرهن لشىء أصلا؛ وليس يجرى مجرى الكلى فى هذه الحال: وذلك أن ليس جميعها تحت جنس ما، ولا يمكن أن تكون هذه الموجودات محصورة فى مبادىء واحدة بأعنانها. فولا واحدة من الصنائع إذن اللواتى تبرهن شيئا ما تستعمل السؤال، وذلك لأن ليس لها أن تعطى أى جزء اتفق: من قبل أن القياس لا يكون منهما. فأما صناعة الجدل فلها أن تسأل وأن تثبت فليس تفعل ذلك وجميع الأشياء، بل فى الأمور المتقدمة، وليس تسأل عن المبادىء الخاصية: فليس لها أيضا أن تأتى بقول فيه مقاومة، ما لم يسلم لها. — وهذه هى حال الصناعة المجربة؛ وليس إنما للصناعة الممتحنة هى بهذه الحال كالهندسة، بل هى التى لها أن تختبر ومن لا يعلم. وذلك أن للذى لا يعرف الأمر أن يختبر من لا يعرفه؛ وله مع ذلك أن يجيب لا من الأشياء التى قد عرفها، ولا من الأمور الخاصية، بل جميع الأمور الموجودة على هذا النحو تكون من اللوازم. فهذه الأشياء أما عند من يعلم فليس يمنع مانع أن تكون من غير عارف بالصناعة؛ والذى لا يعلم فليس من الاضطرار ألا يعلم. فظاهر إذن أن الصناعة الممتحنة ليست من أجل شىء محدود؛ فإنها من أجل جميع الأشياء: وذلك أن جميع الصنائع تستعمل الأمور العامية. ولهده العلة يستعمل من لا علم له صناعة الجدل وصناعة الامتحان بجهة ما، لأن جميعهم يروم الحكم على الضامنين إلى حد ما. وهذه هى أمور مشتركة؛ وذلك أن ليس معرفة هؤلاء بتلك الأشياء — وإن كانوا يظنون أنهم يقولون قولا خارجا عن الأمر جدا — دون معرفة غيرهم. فليس جميعهم إذن يبكتون، لأن اشتراكهم ليس هو على طريق الصناعة؛ وذلك أن هذه الحيلة جدلية؛ والمجرب الذى يستعمل الصناعة القياسية هو جدلى. ولأن هذه المعانى الموجودة للكل كثيرة، وليس جميعها موجودة كأنها طبيعة ما أو جنس، بل على جهة السلب؛ وهذا ليس فى جميع هذه
Bogga 854