Suudaan Masri
السودان المصري ومطامع السياسة البريطانية
Noocyada
119
229
إن الأرقام أفصح من كل بيان، والأرقام تنبئ بأن عدد الضباط البريطانيين ضعف عدد الوطنيين، ولهؤلاء الضباط الأجانب جيش من المترجمين يستولي على عشرات الألوف من الجنيهات من الخزانة المصرية ليترجم لهم.
فما معنى استخدام هؤلاء المترجمين والإنجليز يقدمون الامتحانات بالعربية والناجحون منهم يستولون على المكافآت المالية الباهظة، فإن كانوا قد أجادوا الامتحان فهم لا شك يعرفون قضاء أشغالهم بالعربية فلا حاجة بهم إلى المترجمين، وإن كانوا لا يجيدون بعض اللغة العربية لقضاء حاجاتهم فما الداعي لهذه الامتحانات والمكآفات المالية.
ومن المضحكات ما جرى حديثا وهو أن جماعة تظاهروا بالانسحاب من الجيش بحجة إفساح مجال الترقي للضباط الوطنيين، وذلك بالطريقة الآتية:
كان قومندان الجنود العام بالقطر المصري حتى آخر 1923 ضابطا بريطانيا برتبة لواء، ويليه اثنان من الضباط المصريين بصفة أركان حرب، فهذا القومندان عين حديثا بوظيفة مفتش عام للجيش المصري بالقطر المصري، وتحت رئاسته أركان حرب ضابط مصري وبكباشي بريطاني لتمرن الجنود المصرية.
وسلطة المفتش هذا هي كما جاء في أوامر الجيش بنصها الشائق ومعناها الرائق: «مفتش عام الجنود المصرية بالقطر المصري هو المسئول عن تهذيب (كذا) وتمرين الجيش المصري بالقطر المصري ... إلخ، وهو مسئول عن إعداد معدات الدفاع عن القطر المصري بحالة الاضطرابات والحصول على الأخبار الخاصة بها ... إلخ.»
وقد عين مكانه بوظيفة قومندان الجنود المصرية ضابطان مصريان؛ أحدهما برتبة لواء والثاني برتبة ميرالاي، وعين لهما ثلاثة ضباط بوظيفة أركان حرب.
فترى مما تقدم أن النتيجة هي أولا: أن وظائف قومندانية الجنود المصرية بالقطر التي كانت محصورة بثلاثة ضباط أي قومندانا إنجليزيا وضابطين مصريين صار يتولاهما الآن ثمانية ضباط منهم اثنان بريطانيان وستة مصريون.
وليس لهؤلاء الضباط المصريين الذين حلوا محل البريطاني من السلطة سوى الاسم، ومن الوظيفة سوى الرتبة والماهية؛ فهم يأتمرون بأمر المفتش العام الذي ما زال بالحقيقة قومندان الجنود كما كان سابقا.
Bog aan la aqoon